نام کتاب : فقه المصارف والنقود نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 63
فإنّ المقرض يقوم بمجازفة اقتصاديّة في صورة القرض ، فيقع في الواقع ظلم عليه . فهذا اصطناع بالمعروف وفيه ظلم على المقرض ، وأنّ فرص الاستثمار التي كانت للمقرض بلحاظ ماله تنعدم بينما يعطيها للمقترض ، فلو كنّا نحن والواقع التجريدي الاقتصادي بلحاظ الأغراض الماليّة ليس يحكم على الربا بنحو مطلق أنّه ظلم . نعم ، الربا الفاحش الذي يستأصل المقترض هو ظلم محضّ ، وأمّا الفائدة القائمة على أساس مدروس طبقاً لفرص النجاح والاستثمار ومقارنة رأس المال مع الأرباح بنحو لا تستأصل أموال المقترض ، فهذا أمر معقول ، والتعدّي عنه ظلم . وبذلك يجمع بين أنّ الإقراض اصطناع بالمعروف ، وبين أنّ أخذ النماء لملك الغير ظلم . فالمراد من الإقراض المعروف هو الإقراض مع فائدة متناسبة ، والمراد من الربا الظالم ، هو الربا التصاعدي الفاحش الذي يستأصل أموال المقترض فضلاً عن نمائها . وفيه : أنّ في تلك الحال أيضاً المقترض في معرض الخطر والظلم ، وأنّ المقرض دائماً في أمان ، فإنّ أصل ماله مؤمّن ، وكذلك أصل الفائدة مؤمنّة . بينما ذاك المقترض يقدم على عمل استثماري - توليدي أو استهلاكي أو توزيعي - قد تنتفي الفائدة من رأس ، بل قد ينتفي رأس ماله ، فإذن المقترض دائماً في معرض الخطر والمخاطرة ، بينما المقرض دائماً في أمان ، وهذا نوع من الظلم على المقترض بلا ريب . ويلاحظ عليه أوّلاً : إنّ المقترض الكبير - كالشركة العالميّة أو الدول إذا استقرضت - ما يقدم على مشروع إلاّ وتكون فرص نجاحه في يده ، فهو ضامن للنجاح وليس المال في معرض الزوال والفشل . ثانياً : إنّ المقرض أيضاً في معرض الخطر ، فإنّ المقترض قد لا يسدّد ولا يسترجع رأس المال ، وهذا ظلم على المقرض . وستأتي لذلك تتمّة إن شاء الله تعالى .
63
نام کتاب : فقه المصارف والنقود نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 63