نام کتاب : فقه المصارف والنقود نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 472
تقدير وجودها ليس عوضاً تقديريّاً أو غير متيقّن الحصول ، بل هو ذو ماليّة بنفسه ، فلا يقدم عليه النّاس ابتداءً بل يرغبون فيه إذا بذل بإزائه المال ; إذ لا يكلّف الشخص نفسه بالتعهّد على جبر خسارة آخر ابتداءً ، وبالتالي فالماليّة مخصّصة لنفس التعهّد والضمان بالجبر لا لمتعلّقه ، وهذه الماليّة مقرّرة وثابتة ، سواء وقع المتعلّق أم لم يقع ; لأنّ الغرض من المعاوضة وبذل المال منصبّ وقائم بنفس التعهّد لما يوجبه من استقرار وراحة بال للمضمون له ، ولو على تقدير عدم وقوع الحادثة ، فمنشأ الإشكال الخلط بين متعلّق الضمان ونفس الضمان لعدم تصوّر المعاملة الفوقانيّة التي أحد طرفيها معاملة اُخرى خاصّة مستقلّة ( ضمان العهدة ) ، والعوض مقابل لها ، فالمعاملة الفوقانيّة هي مبادلة ضمان بعوض نظير مبادلة طلاق بعوض ، وهو الخلع . هذا مع أنّ مجرّد احتماليّة المتعلّق لا يجعله معاملة قماريّة ; إذ عدّة من المعاملات متقوّمة بالاحتماليّة بلحاظ النتيجة كالمضاربة ، حيث أنّ عامل المضاربة أعماله محتملة للتعويض ولعدمه ، مع أنّ المضاربة - على قول - عقد إجارة خاصّة ، فصاحب المال يوجر العامل بربح كسري من أرباح المال مقابل عمله ، فقد يتاجر العامل مدّة مديدة بالأموال ولا يربح شيئاً ، فالاحتماليّة متقرّرة في المضاربة . وكذا الحال في المزارعة والمساقاة ، فقد لا يبقى الزرع إلى أوان الحصاد ، أو قد لا تثمر الشجرة ، ففيهما الاحتماليّة أيضاً متقرّرة ، ومع كلّ ذلك فلم تكن الاحتماليّة موجبة لصدق الميسر على تلك العقود ، فلا محالة من تميّز الميسر والقمار بخاصيّة اُخرى غير وجود الاحتمال ، وكذا الحال في ضمان الجريرة ، فإنّه نوع تأمين عقدي وهو احتمالي من كلا طرفيه ; لأنّ هذا الضمان بدفع الدية مقابل الإرث مع احتمال أن يموت الضامن قبل المضمون فلا يتحقّق الإرث ، وكذا الحال في ضمان العاقلة الذي هو ضمان بعوض قهري غير عقدي ، فتحصّل أنّ طرف الضمان في التأمين هو الضمان لا متعلّقه ، فلا يرد محذور الغرر والجهالة ، كما لا يرد محذور القمار والميسر ، ونفس الضمان الذي هو طرف المعاوضة هو شيء معلوم ذو قيمة ماليّة متعيّنة بخلاف متعلّقه .
472
نام کتاب : فقه المصارف والنقود نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 472