وتفصيله : 1 - من ناحية العقيدة ؛ حيث كانت لأولئك القضاة وجهة نظر خاصّة ، فلم يكونوا يؤمنون بالولاية ، بالمعنى الذي يعتقده الأئمّة ( عليهم السلام ) ، خصوصاً ، في موضوع الخلافة والوصاية فأولئك لم يكونوا يعتقدون بالنصّ فيها ، وكذلك في طائفة من المسائل الاعتقاديّة الأخرى . 2 - لقد اعتمدوا في مدارك جملة من أحكامهم ، في القضاء والفقه ، على أساس قاعدتي القياس والاستحسان ، وهما باطلان ومردودان جملة وتفصيلاً ، عند أئمّتنا الأطهار ( عليهم السلام ) . 3 - كانوا أعضاء منتسبين ، مشاركين في حكومات ، اعتبرها أئمّتنا حكومات غير شرعيّة ، وأنظمة ظالمة جائرة فهم ( عليهم السلام ) كانوا يقفون تجاهها موقف المعارضة والخصومة ، كما كانوا يحاربونها بكلّ قوّة . نعم ، تلكم هي المواقف التي لم تكن منفكّة بعضها عن البعض الآخر في ذلك العصر ، ذلك أنّ العقيدة الدينيّة والنظرة العلمية والخطّ السياسيّ والوضع الاجتماعيّ المذكور آنفاً كلّها كانت عناصر متلازمة ومترابطة تمام الارتباط ؛ على أنّ الأمر ليس كذلك في عصرنا الراهن ، فعلينا الآن أن ننظر إلى مواقف أئمّتنا ( عليهم السلام ) ونعايشهم فيما كانوا يخطئون به أولئك القضاة ويدينونهم بالسقوط والإسفاف ؛ لنرى أيّة واحدة من تلكم النواحي الثلاث كانوا يقصدونها . وهذا النظر وإن كان لا يُثمر لنا فائدة بالنسبة إلى عصر الأئمّة ( عليهم السلام ) ؛ ذلك لأنّ المواقف الثلاث المذكورة كانت - كما أسلفنا - في ذلك العصر متلازمة ومترابطة ولكن بالنسبة إلى زماننا هذا لا تخلو من فائدة بل لها فائدة كبيرة ؛ حيث إنّ القضاء في عصرنا الراهن لم يعتمد على آراء القضاة ونظراتهم الخاصّة فحسب بل ، يعتمد على أساس القوانين والأحكام المدوّنة ، في كتب الفقه والقوانين المعدّة لذلك مهما كانت عقيدة القاضي ، فإنّه ملزم بإصدار الحكم طبقاً لتلك القوانين المدوّنة .