فشخصيّته باقية لم تمت وإمامته مطاعة لم تنحلّ . وعليه ؛ فما دامت الإمامة باقية - وإن تقمّصها آخرون - فإنّ المناصب والولايات ، السالكة مسلكها تكون باقية ثابتة في أماكنها . وأمّا في صورة غيبة الإمام وقيام الحكومة الشرعيّة على يد نائبه الحقّ ، فالقول بعدم انعزال القضاة أمر في غاية الوضوح ؛ ذلك لأنّ القضاة المنصوبين من قبل وليّ الأمر إنّما هم في مواقعهم كبقيّة الولاة والموظّفين من مدنيّين وعسكريّين . وعليه فلو التزمنا في حقّ القضاة ببطلان جميع أوامر العزل والنصب الصادرة من الدولة وإلغائها بموت وليّ أمرها ، فلا بدّ من أن نلتزم بذلك أيضاً في جميع أوامر العزل والنصب وانحلال جميع التنظيمات الإداريّة والمؤسّسات التابعة لها ومن ثمّ ينعزل جميع الموظّفين عن وظائفهم من دون استثناء . نعم ، لو قلنا مثل ذلك والتزمنا بأنّ استمرار مباشرتهم لأعمالهم إنّما يحتاج إلى تعيين جديد من قبل الرئيس الجديد ، فبالتأكيد أنّ مثل هذا يؤدّي لا محالة إلى تعطيل الأمور في تلك الفترة الانتقاليّة التي تتخلّل ذهاب رئيس ومجئ رئيس آخر . وهذه هي نفس المسألة التي صرّح بها صاحب الجواهر ( رحمه الله ) بقوله : " لا تزول بموته للأصل المؤيّد بما في الانعزال من الضرر العامّ اللاحق للخلق بخلوّ البلدان من الحكّام إلى أن يجدّد الإمام اللاحق نوّاباً فتعطّل المصالح . " [1] والآن فقد صار معلوماً بأنّ القول بعدم الانعزال ليس من جهة أنّ ولاية الأئمّة ( عليهم السلام ) هي ولاية إلهيّة وأنّ أمرهم واحد ، بل لأنّ عنصر الاستقرار الواجب توفّره في أيّة حكومة وسلامة تنظيماتها المرتبطة بنظام المجتمع وصحّته يستدعي ذلك . وهذا أمر لسنا وحدنا نتفرّد في قبوله والالتزام به بل ، إنّ هذا القانون العامّ هو الذي يجري في جميع أنظمة العالم ؛ إذ لا توجد في أيّ نظام بادرة إلغاء المناصب الثابتة عند