وقال الشهيدان ( رحمهما الله ) في اللمعة وشرحها : " ( ويجوز ارتزاق القاضي من بيت المال مع الحاجة ) إلى الارتزاق لعدم المال . أو الوصيّة إليه ، سواء تعيّن القضاء عليه أم لا ، لأنّ بيت المال معدّ للمصالح وهو أعظمها . وقيل : لا يجوز مع تعيّنه عليه لوجوبه . ويضعّف بأنّ المنع حينئذ من الأجرة لا من الرزق . " [1] وقال النراقي ( رحمه الله ) : " يجوز له الارتزاق من بيت المال ولو مع التعيين وعدم الحاجة كما صرّح بهما والدي في معتمد الشيعة وادّعى بعضهم الإجماع عليه . لمرسلة حمّاد الطويلة ، وفيها : " ويؤخذ الباقي ، فيكون ذلك أرزاق أعوانه على دين الله ، وفي مصلحة ما ينوبه من تقوية الإسلام وتقوية الدين في وجوه الجهاد ، وغير ذلك ممّا فيه مصلحة العامّة " [2] . " [3] وقال الشيخ الأعظم الأنصاري ( رحمه الله ) : " أمّا الارتزاق من بيت المال ، فلا إشكال في جوازه للقاضي مع حاجته بل مطلقاً إذا رأى الإمام المصلحة فيه لما سيجيء من الأخبار الواردة في مصارف الأراضي الخراجيّة . . . ولا فرق بين أن يأخذ الرزق من السلطان العادل أو من الجائر لما سيجيء من حلّيّة بيت المال لأهله ولو خرج من يد الجائر . " [4] وعمدة ما استدلّ به لهذا الأمر وجوه : 1 - خبر حمّاد الذي مرّ في كلام النراقي ( رحمه الله ) بتقريب أنّ القضاء وتأمين معيشة القاضي الصالح من المصالح العامّة بل من أهمّها ، ومعلوم أنّ المصلحة لا تدور مدار الحاجة إذ المصلحة يلاحظ فيها حال المجتمع ، والحاجة يلاحظ فيها حال الشخص ؛ والسند وإن كان مرسلاً إلاّ أنّ المرسِل هو حمّاد بن عيسى الذي كان من أصحاب الإجماع وعبّر عن المنقول عنه بلفظ بعض أصحابنا الذي يدلّ على اعتماده عليه .
[1] الروضة البهيّة ، ج 3 ، ص 71 . [2] وسائل الشيعة ، الباب 8 من أبواب آداب القاضي ، ح 2 ، ج 27 ، ص 222 - الكافي ، ج 1 ، ص 541 . [3] مستند الشيعة ، ج 17 ، ص 68 . [4] كتاب المكاسب ، ج 1 ، ص 197 ؛ وراجع أيضاً : صص 455 و 456 .