لدى ادّعاء الخصم عليه سواء كان حرّر الدعوى أم لا وسواء كان كلا الخصمين عند القاضي أو أحدهما ويطلب إحضار الآخر ، وثالثاً أنّه كان معمولاً به في الزمن السابق إلى الآن من غير إنكار مثل حضور علي ( عليه السلام ) عند شريح وحضور عمر وأُبيّ عند زيد بن ثابت [1] وحضور منصور الدوانيقي مع جمّالين عند الحاكم ، ورابعاً ما روي أنّ رجلاً من أراش قدم مكة بإبل فباعها على أبي جهل بن هشام فمطله فاستعدى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فأعداه [2] بدلالة أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) أعدى الرجل بمجرّد دعواه . أقول : إذا تخاصم اثنان مثلاً فدعا أحدهما الآخر لزمته إجابته ، فيحضر معه إلى مجلس القضاء لقوله تعالى جلّ شأنه : ( وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحقّ يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون إنّما كان قول المؤمنون إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ) [3] ؛ فالآية تذمّ من لم يجب الدعوة وكذلك إذا طلبه الحاكم يلزم عليه الحضور عند الإمكان . والدين المبين جعل لكلّ أحد حقّ طرح الدعوى والشكاية عند المحكمة وحقّ طلب الخصم وأمّا طلب القاضي الحضور من الخصم بصرف التماس الخصم الآخر فلا دليل عليه ؛ والإجماع منقول وحديث النبي ( صلى الله عليه وآله ) لا يدلّ على لزوم طلب القاضي وإن لم يثبت عنده الدعوى إجمالاً مع أنّه قضيّة وقعت قبل البعثة ظاهراً ؛ وقضايا عليّ ( عليه السلام ) مع يهوديّ وعمر وأُبيّ وغير ذلك لا يشمل صورة عدم تحرير الدعوى ولعلّ الحضور بطلب القاضي وتشخيصه ؛ أو أنّ الخصمين حضرا عند القاضي كما في قضيّة عمر وأُبيّ . نعم يستفاد منها جواز طلب القاضي الحضور حتّى من إمام المسلمين في المحكمة
[1] السنن الكبرى ، ج 10 ، ص 136 - كنز العمّال ، ج 5 ، ص 808 . [2] سيرة ابن هشام ، ج 1 ، صص 416 و 417 . [3] النور ( 24 ) : 48 - 51 .