إن منطق التطور الرأسمالي يقضي بالتوسع المستمر خارج الحدود ، إذ قد انتقلت الرأسمالية من حدود الدولة القومية والاقتصاد القومي ، في عملية زحف استعماري سريع ، وفرض هيمنة واسعة حتى شملت عالم ما وراء البحار ومعظم مناطق جنوب الأرض لتطال المواد الخام واليد العاملة الرخيصة والأسواق . وهكذا خرج النظام الرأسمالي العالمي من واجهة المزاحمة أو المنافسة الحرة ، إلى واجهة الاحتكار وواجهة الهيمنة والاستعمار مع أن الاحتكار والاستعمار من أبغض الصفات التي يمكن أن يتصف بها ظالم وغاشم . وقد ورد النهي عن الاحتكار في الشريعة الإسلامية ، قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « الجالب مرزوق والمحتكر ملعون » [1] . وعن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : « نفد الطعام على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فأتاه المسلمون فقالوا : يا رسول الله قد نفد الطعام ولم يبق منه شيء إلا عند فلان فمره يبيعه الناس ، قال : فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا فلان إن المسلمين ذكروا أن الطعام قد نفد إلا شيئاً عندك فأخرجه وبعه كيف شئت ولا تحبسه » [2] . وعن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : « الحكرة أن يشتري طعاماً ليس في المصر غيره فيحتكره فإن كان في المصر طعام أو يباع غيره فلا بأس بأن يلتمس بسلعته الفضل » [3] . وفي الحديث عن الحلبي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سألته عن الرجل يحتكر الطعام ويتربص به هل يجوز ذلك ، فقال : « إن كان الطعام كثيراً يسع الناس فلا بأس به ، وإن كان الطعام قليلا لا يسع الناس فإنه يكره أن يحتكر الطعام ويترك
[1] من لا يحضره الفقيه : ج 3 ص 266 باب الحكرة والأسعار ح 3961 . [2] الكافي : ج 5 ص 164 باب الحكرة ح 2 . [3] الاستبصار : ج 3 ص 115 ب 77 ح 7 .