أعمالهم ، بعد أن حلت الآلات الحديثة والمتطورة مكانهم في مواقع الإنتاج المادي ، بل امتد الأمر ليشمل أيضا مهن الطبقة الوسطى حيث تولت عمليات إعادة هندسة عنصر العمل ، والاستخدام الموسع لأجهزة الكومبيوتر مهمة الاستغناء عن عشرات الآلاف من الوظائف والمهن التي كان يقوم بها هؤلاء ، وكانت مذبحة العمالة قاسية جدا في البنوك وشركات التأمين وقطاع صناعة برامج الكومبيوتر وكذلك الصناعات الثقيلة كصناعة الصلب والسيارات وكذلك صناعة المواد الكيميائية والصيدلانية وكافة الأجهزة الإلكترونية وغيرها . بالإضافة إلى هذه المسائل فقد تفرد الإمام ببحث قضية العلاقة بين الديمقراطية والسوق أهمية خاصة ، وهي العلاقة التي يعتقد مروجو قيم العولمة الغربية أن طرفيها متلازمان لا يفترقان ، حيث يرون ان الديمقراطية تتطلب السوق ، كما أن السوق يتطلب الديمقراطية ، لكن الإمام ( قدس سره ) يرى أن اقتصاد السوق والديمقراطية ليساهما الركنين المتلازمين دوما ، واللذين يعملان بانسجام لزيادة الرفاه للجميع ، وأن الأمر الأقرب للحقيقة والواقع في ظل نظام العولمة الغربية هو التعارض بين الديمقراطية لصالح البعض والسوق ، ويستند في ذلك إلى خبرة التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تجري الآن في مختلف بلاد العالم في ضوء السياسات الليبرالية الجديدة التي تستند عليها العولمة ، فالديمقراطية التي يجرى الدفاع عنها الآن هي تلك التي تدافع عن مصالح الأثرياء والمتفوقين اقتصاديا ، وتضر بالعمال والطبقة الوسطى . وهو ما نراه في الدعوة للتخفيض المستمر للأجور وزيادة ساعات العمل ، وخفض المساعدات والمنح الحكومية ، كما يشير الإمام ( قدس سره ) إلى أن الديمقراطية الحقة تمارس فقط حينما يكون الناس في مأمن ضد غوائل الفقر والمرض والبطالة ، وأنه ما لم يتحقق الاستقرار والتقدم في حياة الناس ، فسيبقى الناس مهددين بأن تحكمهم نظم تسلطية . ومن هنا يعتقد الإمام رحمه الله أن ديمقراطية العولمة الموجودة حاليا التي تنحاز بشكل مطلق لبعض الأغنياء هي المسؤولة الآن عن كثير من مظاهر التوترات الاجتماعية