وللعولمة الغربية جانبها الثقافي ، الذي يبدو أكثر قتامة من جانبها الاقتصادي والسياسي ، وإن كان مكملا لذلك الجانب ، فالعولمة الثقافية تهدف إلى السيطرة الغربية على سائر ثقافات العالم ، مستفيدة من وسائل الاتصال والتكنولوجيا المتقدمة التي تنشر بواسطة ما تملكه من إمبراطوريات إعلامية واسعة ، ثقافة السوق والاستهلاك بواسطة الصوت والصورة على حساب القراءة والكتاب ، فتسعى إلى تكريس جديد من المعايير التي ترفع من القيمة النفعية والفردانية والنزوع المادي والغرائزي المجرد من أي محتوى إنساني ، وهنا نلاحظ أن العولمة الثقافية الغريبة بوصفها أيديولوجية تعكس إرادة الهيمنة على العالم ، تمثل ثقافة الاختراق ، بمعنى التطبيع مع الهيمنة وإشاعة الاستسلام لعملية الاستتباع الحضاري الذي يشكل الهدف الأول والأخير للعولمة الثقافية ، هذه العولمة التي تهدف إفراغ الهوية الجماعية من محتواها وتدفع إلى التفتيت والتشتيت من جهة ، إضافة لزعمها موت الأيديولوجيات كما تؤكد وتسوغ هذا الشكل الجديد من السيطرة والهيمنة من جهة أخرى . ومنذ عملية الترويج للعولمة ، تثار مسألة هي على جانب من الأهمية ، فمن المستفيد من سيادة العولمة على العالم ؟ إن العولمة بالإضافة إلى أنها تأتي ردا على أزمة الرأسمالية العالمية المعاصرة ، وتكون غطاء للمشروبات الأمريكية في الهيمنة على العالم ، لا بد أن تحقق هذه العولمة منافع لجهات أخرى أيضا ، فإن التمعن في هذه المسألة يجعلنا نصل إلى استنساخ بأن هناك مستفيدين آخرين ، فالشركات متعددة الجنسيات والمافيات والحركات الصهيونية هي بلا شك من أهم المستفيدين من العولمة الغربية في تجلياتها المالية والاقتصادية والثقافية والسياسية . فالشركات متعددة الجنسيات تريد أن يكون العالم بأجمعه مسرحا لنشاطها ، وتريد أن تدخل وتخرج من وإلى مختلف دول العالم هي وبضائعها وأموالها ، بلا حدود ولا قيود ، وقد تبين من متابعة مفاوضات الأرغواي التي انتهت عام 1994 م ، بتوقيع اتفاقية ( الغات ) الجديدة ، وإقامة المنظمة العالمية للتجارة ، الدور