ومنها ما رواه الكليني ( قدس سره ) عن محمد بن أبي عبد الله ، عن موسى بن عمران ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سأله رجل من أهل القدر فقال : يا بن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أخبرني عن قول الله عز وجل : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) أليس قد جعل الله لهم الاستطاعة ؟ فقال ( عليه السلام ) : ويحك إنما يعني بالاستطاعة الزاد والراحلة ، ليس استطاعة البدن . فقال الرجل : أفليس إذا كان الزاد والراحلة فهو مستطيع للحج ؟ فقال : » ويحك ليس كما تظن قد ترى الرجل عنده المال الكثير أكثر من الزاد والراحلة فهو لا يحج حتى يأذن الله تعالى في ذلك » . [1] وهذا الخبر كسابقيه ظاهر بل صريح في أن الاستطاعة المعتبرة إنما تكون بوجود الزاد والراحلة ، فلا تجب حجة الإسلام بمجرد القدرة على المشي . وإن نوقش في سنده من جهة وقوع موسى بن عمران النخعي الذي هو من الطبقة السابعة أو الثامنة ، لأن علماء الرجال لم يذكروه لا بمدح ولا قدح ، وكونه من رجال كامل الزيارات لا يكفي في توثيقه ، وإن بنى على ذلك بعض الأعاظم إلا أنه بنفسه أيضاً رجع عن هذا البناء على ما حكي عنه . ولكن لا خدش في سائر رجال السند ، فإن محمد بن أبي عبد الله على ما حققه أستاذنا الأعظم ( قدس سره ) هو محمد بن أبي عبد الله جعفر بن محمد بن عون الأسدي أبو الحسين الكوفي ، شيخ الكليني ، وهو من الثامنة ، ومن الأعاظم ، وكذا حسين بن يزيد النوفلي ( شيخ موسى بن عمران ) الذي من السادسة ، وشيخه السكوني هو إسماعيل بن أبي زياد السكوني من الخامسة الثقة أيضاً . [2]
[1] الوسائل أبواب وجوب الحج ب 8 ح 5 ، الكافي : 4 / 268 . [2] إن قلت : يمكن الخدشة في السند بشهادة النجاشي بأنه يروي عن الضعفاء . قلت : بعد التتبع يظهر عدم تمامية القول بأن جميع شيوخه من الضعفاء فإن ( يروي عن الضعاف ) فيه احتمالان : 1 - الضعف في شيخه بلا واسطة . 2 - مجرد الضعف في سنده . والثاني لا يضر والأول لا يتم صغرويا . وأما كتاب ( الرد على الاستطاعة ) كان للرد على التفويض لا إثبات الجبر .