صرورة مستطيعا له لم يحج لنفسه بعد وأما الحج الاستحبابي فإن كان عن نفسه وكان هو جاهلا بالحكم أو الموضوع يجزي عن حجة الإسلام وإن كان عالما بهما فلا نتصور الاستحباب بالنسبة إليه إلا على وجه التشريع المحرم ، وأما الحج النيابي الاستحبابي عن الغير فالكلام فيه هو الكلام عن الحج الوجوبي عن الغير . وأما الاستدلال لفساد غير حجة الإسلام بالآية المباركة : ( ولله على الناس حج البيت ) لظهورها في الملك وأن الحج مملوك لله تعالى فلا يجوز التصرف فيه إلا على نحو يكون مأذونا فيه من قبل الله تعالى فحجه عن غيره أو تطوعا تصرف في ملكه تعالى بغير إذنه فيكون باطلا . ففيه أن المراد من الآية أن الله مالك لحجة الإسلام في ذمة العبد كما إذا كان الشخص مالكا لخياطة ثوب في ذمة الآخر أو مالكا لصلاة في ذمته ، فكما أنه لا يمنع من فعلها لغيره لا يمنع ملكية الحج لله تعالى عن فعله لغيره . اللهم إلا أن يقال : إن الآية تدل على ملكية طبيعة الحج لله تعالى وأنها له ، فلا يجوز فعله إلا بإذنه تعالى ولكن هذا مخالف لظاهرها فإنها تدل على أن لله على ذمم الناس حج البيت لا أن الحج ملك لله تعالى . الفرع الثاني : على القول بصحة الحج عن الغير في صورة التمكن من حجة الإسلام والعلم بفورية وجوبها ، هل تصح إجازة نفسه لها أم لا تصح ؟ قال في العروة : » الظاهر بطلانها وذلك لعدم قدرته شرعا على العمل المستأجر عليه ، لأن المفروض وجوبه عن نفسه فوراً ، وكونه صحيحا على تقدير المخالفة لا ينفع في صحة الإجارة خصوصا على القول بأن الأمر بالشيء نهى عن ضده ، لأن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه » . وأورد عليه بعض الأعاظم بأن القدرة التكوينية حاصلة وجدانا والنهي الشرعي لا ينفي القدرة التكوينية وأما القدرة الشرعية فيكفي حصولها