المقام الثاني : في من استقر عليه الحج ثم عجز عنه بعد ذلك . إعلم : أن وجوب استنابة الحج في هذه الصورة أولى من الصورة الأولى وبعد إثبات وجوبها فيها لا نحتاج إلى إقامة الدليل لإثبات وجوبها في هذه الصورة ، ومع ذلك نقول : لو لم نذهب إلى وجوب الاستنابة على المستطيع الذي عجز عن الحج في سنة استطاعته ، مقتضى صحيح الحلبي الذي مر الكلام فيه وصحيح معاوية بن عمار وصحيح عبد الله بن سنان وإطلاق صحيح محمد بن مسلم هو وجوب الاستنابة عليه . هذا مضافاً إلى أنه لم يعلم من أحد خلاف في ذلك . بل حكى المستند عن المسالك والروضة والمفاتيح وشرحه وشرح الشرايع للشيخ على وغيرها الإجماع عليه . [1] ثم إن هنا روايتين حاكيتين عن حكم أمير المؤمنين عليه السّلام قيل بأنه يظهر منهما استحباب الاستنابة وكون المستطيع المستقر عليه الحج مختاراً فيها ، لتعليقها على المشية . إحداهما ما رواه الشيخ في التهذيب بسنده عن سلمة أبي حفص عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السّلام : إن رجلا أتى علياً عليه السّلام ولم يحج قط فقال إني كنت كثير المال وفرطت في الحج حتى كبر سني قال : فتسطيع الحج ؟ قال : لا فقال له علي عليه السّلام : إن شئت فجهز رجلا ثم أبعثه يحج عنك » . [2] ثانيتهما ما رواه الكليني بسنده عن عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه 8 : » إن علياً - صلوات الله عليه - قال لرجل كبير لم يحج قط إن شئت