وهذا مثل رجوع المالك عن إذنه في البناء في ملكه فإنه عين الإذن في بقائه أو مستلزم له إلا أنه له أن يرجع عن إذنه يزيل البناء لقاعدة السلطنة إلا إذا كان موجبا للضرر فالمرجع هو قاعدة الضرر الحاكمة على قاعدة السلطنة . وهل يجب على المأذون إخلاء الأرض لو طلب ذلك منه المالك ؟ الظاهر عدم الوجوب لأن إشغال الأرض كان بإذن المالك وهذا مثل أن يأذن المالك غيره بنقل ماله إلى مكان آخر للانتفاع منه ورجوعه منه فإنه لا يجب للمأذون نقله إلى مكانه الأول . الأمر الثالث : أنه كما ليس للمالك الذي أذن غيره في رهن ملكه أن يرجع عنه ولا أثر لرجوعه في فك الرهن كذلك لا أثر لرجوع المالك عن إذنه وبذله في الصلاة والحج بعد الشروع في الصلاة وبعد الإحرام . وفيه ، أنه فرق بينهما فإن الرهن سواء كان العين ملكاً للراهن أو رهنها بإذن مالكه يوجب حقاً للمرتهن متعلقاً بالعين لا يؤثر رجوع الراهن أو المالك في إزالة ذلك الحق وسلطنة المرتهن عليه بخلاف الإذن في التصرف والإباحة فإنه لا يفيد حقاً للمأذون له على المأذون فيه . ووجه ذلك كما صرح به بعض أعاظم العصر كون عقد الرهن المأذون فيه من المالك من الأُمور الغير القارة التي تحدث وتنعدم فإذا حدث بإذن من له الإذن يحدث أثره وهو صيرورة العين رهناً لمال المرتهن وهي توجد في عالم الاعتبار غير منوطة بالإذن والمأذون فيه وهو العقد حدث وانعدم لا يقبل الانعدام برجوع المالك عن إذنه بخلاف الرجوع إلى البذل فإن الرجوع فيه موجود يدوم بدوام الإذن وبقائه كحدوثه محتاج إلى بقاء الإذن . [1]