الثاني : تدل الآية على شرعية الأذان لتلك الصلاة ، وقد مر الكلام فيه ، والمشهور أن الأذان إنما يؤتى به بعد صعود الإمام المنبر . قال في مجمع البيان في قوله تعالى ( وإذا نودي ) أي إذا أذّن لصلاة الجمعة وذلك إذا جلس الإمام على المنبر يوم الجمعة ، وذلك لأنه لم يكن على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم نداء سواه قال السائب بن يزيد : كان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم مؤذنان أحدهما بلال فكان إذا جلس على المنبر أذن على باب المسجد فإذا أذن أقام للصلاة ثم كان أبو بكر وعمر كذلك حتى إذا كان عثمان وكثر الناس وتباعدت المنازل زاد أذاناً فأمر بالتأذين الأول على سطح دار له بالسوق يقال له الزوراء وكان يؤذن عليها ، فإذا جلس عثمان على المنبر أذن مؤذنه ، فإذا نزل أقام للصلاة [1] انتهى ، ولذا حكم أكثر الأصحاب بحرمة الأذان الثاني وبعضهم بالكراهة . واختلفوا في أن الحرام أو المكروه هل الثاني زماناً أو وضعاً ؟ ويدل على استحباب كون الأذان بعد صعود الإمام المنبر ، ما رواه الشيخ عن عبد اللّه بن ميمون عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا خرج إلى الجمعة قعد على المنبر حتى يفرغ المؤذنون [2] . لكن تعارضه حسنة إبراهيم بن هاشم عن محمد بن مسلم قال : سألته عن الجمعة فقال : بأذان وإقامة ، يخرج الإمام بعد الأذان فيصعد المنبر [3] الخبر . وهذا يدل على استحبابه قبل صعود الإمام ، كما ذهب إليه أبو الصلاح حيث قال ، إذا زالت الشمس أمر مؤذنيه بالأذان فإذا فرغوا منه صعد المنبر فخطب [4] . والأول مؤيد بالشهرة ، ويمكن حمل الثاني على التقية . والتخيير لا يخلو من قوة
[1] مجمع البيان : ج 10 ص 288 . [2] التهذيب : ج 3 ص 244 ح 45 . [3] الكافي : ج 3 ص 424 ح 7 وفيه « عن حريز عن محمد بن مسلم » . [4] الكافي في الفقه : ص 151 .