بالآيات ولا بالأخبار على شيء من المسائل الخلافية إذا ورد بلفظ الخطاب ، وهذا سفسطة . مع أن الأخبار المتواترة تدل على عدم اختصاص أحكام القرآن والسنة بزمان دون زمان ، وأن حلال محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة . ( الثالث ) أن الأمر معلق على الأذان فمن أين ثبت الوجوب مطلقاً ؟ والجواب : أنه يلزم بصريح الآية الايجاب مع تحقق الأذان ، ويلزم منه الايجاب مطلقاً ، مع أنا قد قدمنا أن الظاهر أن المراد دخول وقت النداء . واعترض عليه بوجوه سخيفة أخرى ، وبعضها يتضمن الاعتراض على اللّه تعالى ، إذ لم يرتب متتبع في أن الآية إنما نزلت لوجوب صلاة الجمعة والحث عليها ، فقصورها عن إفادة المرام يؤول إلى الاعتراض على الملك العلّام ، ويظهر الجواب عن بعضها مما قررنا سابقا في تفسير الآيات . ثم إن أمثال تلك الاعتراضات إنما يحسن ممن لم يستدل في عمره بآية ولا خبر على حكم من الأحكام ، وأما من كان دأبه الاستدلال بالظواهر والابهامات على الأحكام الغريبة لا يليق به تلك المناقشات ، وهل يوجد آية أو خبر لا يمكن المناقشة في الاستدلال بها بأمثال ذلك ! ومن العجب أنهم يقولون : ورد في الخبر أن الذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، فيمكن أن يكون المراد به هنا السعي إليه صلى اللّه عليه وآله وسلم ولا يعرفون أن الأخبار الواردة في تأويل الآيات وبطونها لا ينافي الاستدلال بظاهرها فقد ورد في كثير من الأخبار أن الصلاة رجل ، والزكاة رجل وأن العدل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، والاحسان أمير المؤمنين عليه السلام . . وأمثال ذلك أكثر من أن تحصى ، وشئ منها لا ينافي العمل بظواهرها والاستدلال بها ، وقد حققنا معانيها وأشبعنا الكلام فيها في تضاعيف هذا الكتاب ، واللّه الموفق للصواب .