طاب ثراه في المعالم : وحيث علمت أنّ الغرض من نفي دلالة المفرد المعرّف على العموم كونه ليس على حدّ الصيغ الموضوعة لذلك لا عدم إفادته إيّاه مطلقا فاعلم أنّ القرينة الحالية قائمة في الأحكام الشرعية غالبا على إرادة العموم منه حيث لا عهد خارجي كما في قوله تعالى : * ( وَأَحَلَّ ا للهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا ) * وقوله عليه السّلام : « إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » ونظائره ووجه قيام القرينة على ذلك امتناع إرادة الماهية والحقيقة إذ الأحكام الشرعية إنّما تجري على الكلَّيات باعتبار وجودها كما علم آنفا ؛ وحينئذ فإمّا أن يراد الوجود الحاصل لجميع الأفراد أو ببعض غير معيّن لكن إرادة البعض تنافي الحكمة إذ لا معنى لتحليل بيع من البيوع وتحريم فرد من الربا وعدم تنجيس مقدار الكر من بعض الماء إلى غير ذلك من موارد استعماله في الكتاب والسنّة فتعيّن في هذا كلَّه إرادة الجميع وهو معنى العموم . [1] انتهى كلامه أعلى اللَّه مقامه . وذكر أنّ المحقّق رحمه اللَّه ذكر نحو هذا وهذا يجري في الغناء كما يجري في * ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ) * و * ( السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ ) * ولا ينافيه الاختلاف في تعريف الغناء فإنّ المفروض ما يصدق عليه الغناء بأيّ وجه اعتبر . ويمكن أن يقال : إنّه لو أريد بالمطلق فرد غير معين يجب الإتيان بجميع الأفراد ليحصل يقين الامتثال وإن كان الواجب أصالة واحدا والباقي يجب من باب المقدّمة كما إذا اشتبه الواجب في متعدّد كالفريضة الواحدة من الخمس ، والنجس والحرام كذلك فيجتنب الجميع ومثله واقع كثيرا فالمطلق يرجع إلى معنى العموم أيضا وفيه تأمّل يظهر ممّا تقدّم .
[1] معالم الدين ، طبع مكتبة آية اللَّه النجفي ، ص 264 ، 265 .