إسم الكتاب : غنا ، موسيقى ( عربي - فارسي ) ( عدد الصفحات : 884)
فشبه صوتها لما أطرب إطراب الغناء بالغناء وجعلوا العمائم لما قامت مقام التيجان تيجانا وكذلك القول في الحبا والشمس . وجواب أبي عبيد أحسن الأجوبة وأسلمها وجواب أبي بكر أبعدها لأنّ التلذّذ لا يكون إلَّا في المشتهيات وكذلك الاستحلاء والاستعذاب وتلاوة القرآن وتفهّم معانيه من الأفعال الشاقّة . فكيف يكون ملذّا مشتهى ؟ فإن عاد إلى أن يقول : قد تستحلى التلاوة من الصوت الحسن قلنا : هذا رجوع إلى الجواب الثاني الذي رغبت عنه وانفردت عند نفسك بما يخالفه . أقول : يمكن أن يقال في الجواب عن هذا أنّ مراده التشبيه من جهة التلذّذ فإنّ من يتوجّه إلى شيء ويقبل عليه بقلبه يتلذّذ به إذا عرف ثمرته وفائدته فإنّ المشقة لا تنافي اللذة وذلك كما لو صرف الإنسان فكره في تحصيل معنى له به اعتناء وتصوّر أنّه يدركه فإنّه يلتذّ بذلك السعي وإن كان فيه مشقة وإذا حصلت نتيجة السعي حصل له بذلك زيادة في اللذّة وهذا المعنى واقع كثيرا نثرا ونظما كما قيل : < شعر > أشاهد معنى حسنكم فيلذّ لي خضوعي لديكم في الهوى وتذلَّلي < / شعر > وكقول الآخر : < شعر > ولو قلت طأ في النار أعلم أنّه رضى لك أو مدن لنا من وصالك لقدّمت رجلي نحوها فوطئتها سرورا بأنّي قد خطرت ببالك < / شعر > وحينئذ يكون التشبيه بالغناء لمناسبة الصوت الواقع بالقراءة لصوت الغناء ولا يلزم على هذا أن يكون الالتذاذ من جهة الصوت ليكون راجعا إلى الوجه الثاني على أنّه لو حصلت له لذّة بالصوت المعتبر في قراءة القرآن كالحسن والتحسين بحيث لا يكون غناء يحصل له لذّة بذلك الصوت الذي كان من أسباب الوصول إلى تدبّر معاني القرآن وصاحب هذا التوجيه يظهر من توجيه خوفه من اللَّه