النفاق [1] » وقول أبي جعفر عليه السّلام : « إنّ لهو الحديث : الغناء » [2] وقول العلماء : « إنّ الغناء حرام وإنّ صاحبه تردّ شهادته » هل يفهم أحد من هذا ونحوه تقييد الغناء بما ذكر من القيود ؟ نظرا إلى متابعة مخالفي الحقّ والميل إلى جذب الناس وميلهم ، والملاهي في نفسها حرام وبمجرّد مصاحبة الغناء لها يصير حراما مع أنّه في نفسه غير حرام [3] وأيّ وجه لكون ما يؤتى من الغناء من ذكر أو أنثى لا يكون غناء إلَّا مع آلات اللهو أو أنّه وإن كان غناء كان غير حرام ؟
فظهر أنّ الغناء في نفسه حرام من غير ضميمة ومع الضميمة ربما زاد تحريمه لا أنّه يحصل له التحريم معها . وهل سمعت أو رأيت أحدا يقرأ القرآن لاعبا بالمثاني والعود ونحوه ! ليكون النهي عن الغناء في القرآن محمولا على هذا في قوله عليه السّلام : « فإنّه سيجيء من بعدي أقوام يرجّعون القرآن ترجيع الغناء » . [4] فتلخّص ممّا ذكر أنّ حديث « اقرؤوا القرآن » [5] الخ ، دلّ على تحريم الغناء في القرآن وأنّه لا وجه لحمله على قراءته في مجالس اللهو وآلاته وهذا الحديث العمدة فيه وروده من طريق الخاصّة ، ووروده من طريق العامّة مكرّرا يؤيّده .
وما ورد في الكافي والفقيه ممّا دلّ منه على التحريم اعتباره ظاهر خصوصا مع

[1] علل الشرائع ، ج 2 ، ص 162 ، وفيها « عشّ » .
[2] مجمع البيان ، ج 8 ، ص 313 .
[3] « ويلزم ممّا ذكر من استحباب الغناء في القرآن أن يكون معنى قوله تعالى : * ( وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ : إلَّا أن يكون قول الزور في القرآن ، فإنّه مستحبّ . * ( وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ : إلَّا أن يكون اللغو في القرآن فإنّه مستحبّ . ومعنى قوله تعالى : * ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّه ِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ : أن يكون اشتراء لهو الحديث للإضلال واتّخاذ سبيل اللَّه هزوا في القرآن لمن يفعله ثواب عظيم ؛ وفي بعض غيره : * ( « لَه ُ عَذابٌ مُهِينٌ » وكون « الغناء عشّ النفاق » : إلَّا أن يكون النفاق في القرآن فإنّه يثاب عليه . وهذا غريب » ( خ ) .
[4] الكافي ، ج 2 ، ص 614 ، باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن ، ح 4 .
[5] المصدر السابق .

83