المطرب ، مع أنّه لا تحقيق فيه ، يمكن حمله على ما يوافق تفسيره بالعرف بأن يراد من الطرب أكثر معانيه وهي الفرح والسرور والحركة والشوق ، حتّى أنّه لو استعمل في الحزن من حيث إنّه موضوع له أيضا كان هذا الحزن غير حزن تلاوة القرآن ، وربما كان لتذكَّر معشوق ونحوه . على أنّ الطرب المتبادر منه حصوله بمجرّد سماع الصوت المطرب كما يحصل من سماع العود والمثاني والقصب وتلاوة القرآن ليس فيها شيء من هذا الطرب . وقد قيل إنّ نغمات الموسيقى منها ما يحصل منه الحزن ، ومنها ما يحصل منه الضحك ومنها ما يحصل منه البكاء أو النوم [1] وغير ذلك مع أنّها غناء فمن فسّره بالترجيع المطرب كأنّه نظر إلى ما ذكر من غير نظر إلى ملاحظة كلّ ما وضع له ، مع أنّه يبقي فيه ما يكون غناء عرفا من غير ترجيع إلَّا أن يدّعى عدم انفكاك ما فيه إطراب عن الترجيع ؛ والتفسير بالعرف لا يرد عليه شيء والمنازع في العرف مكابر والمعتبر عرف العرب وقد تقدّم في كلام ابن الأثير ما يشعر بهذا . [ تعلق التحريم بنفس الغناء ] إذا فهم ما تقرّر على وجهه ، ظهر تعلَّق التحريم بنفس الغناء كما دلَّت عليه الأخبار المتظافرة ، فأيّ وجه لتقييده بمصاحب آلات اللهو ومجالس الشرب ليكون حراما وهذه في نفسها محرّمة وأيّ دليل من الأخبار وغيرها على هذه القيود ؟ فإنّ قول الصادق عليه السّلام : « وقول الزور : الغناء [2] » وقوله عليه السّلام : « إنّ اللغو في قوله تعالى : * ( وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ) * : الغناء والملاهي » [3] و « الغناء عشر
[1] « قصة أبي نصر الفارابي مع سيف الدولة في مثل هذا مشهورة . منه » ؛ كذا في هامش نسخة . [2] الفقيه ، ج 4 ، ص 58 ، ح 5093 . [3] تفسير علي بن إبراهيم القمي ، ج 2 ، ص 88 .