ومنه لحن القول ولحن الخطاب ولحن محلَّل الغناء في الصلاة والقرآن وغير ذلك ؛ وفي حديث ألحان العرب ولحون أهل الغناء ما ينبّه على ذلك فإنّه لا معنى للنهي عن غناء غير العرب والأمر بغنائهم فحمله على اللحن الخاصّ لحن وقد تقدّمت معاني اللحن المنقولة عن ابن الأثير التي هي التطريب وترجيع الصوت وتحسين القراءة والشعر والغناء ومع وجود هذه المعاني لم لا يحمل على تحسين القراءة والصوت ويحمل على الغناء مع كون الغناء في هذا الكلام غير ما ذكر .
وبالجملة ففهم مواقع الكلام العربي موقوف على الاطَّلاع على اصطلاح كلام العرب ومعرفة مقام كلّ موضع يقتضيه المقام مع معرفة العربية والمعاني والبيان والحقيقة والمجاز ومعرفة المطلق والمقيّد والعام والخاص وطرق الجمع بين الكلام المتنافي ظاهرا وغير ذلك ممّا يتوقّف عليه ؛ ومن اطَّلع على مجازات القرآن وغيره من كلام البلغاء يظهر له ذلك وأنّه ربما زاد على الحقائق . . .
وهنا تحقيق ينفع من تدبّره وفهمه في هذا المقام ، وهو أنّ الشيء قد يكون له وصف ذاتي وقد لا يكون ويكون المطلوب تحصيل ذلك الوصف بحسب الإمكان فلو لم يتّفق ذلك يفعل ما هو مشابه له في الجملة وإذا كان حسن الصوت ذاتيا كانت قراءته ممّا يؤثّر معنى ما تضمّنه من وقعه في القلوب فإنّ غير الحسن ينفر الطبع منه فلا يتوجّه إلى ما هو المقصود من ذلك الكلام من الموعظة والأمر والنهي والزجر والترغيب والترهيب ونحو ذلك فلهذا كان حسن الصوت بالقراءة ممدوحا ، وإذا لم يكن الإنسان حسن الصوت ينبغي أن يجهد نفسه في تحسينه ما أمكن ونحوه الحزن والتحازن والبكاء والتباكي ، فإن حصل أصل البكاء وإلَّا تباكى ليكون ذلك أقرب إلى المطلوب بحسب الإمكان ، والحزن والبكاء ممّا يناسب وقع معاني القرآن في القلب ومن هذا القبيل قول الشاعر :
< شعر > يزيّن الشعر أقوام إذا نطقوا به مليّا ويزري الشعر أقوام < / شعر >

80