[ بيان آخر ] وأمّا الأحاديث الموهمة خلاف ذلك فإنّها دالة على مدح حسن الصوت وتحسينه والقراءة بالحزن وفي بعضها الترجيع والإلحان والنغمة . فحسن الصوت أو تحسينه أيّ دلالة فيه على كون قراءته غناء ؟ ويلزم منه أنّ حسن الصوت يكون دائما مغنّيا بصوته وأمّا الحزن والبكاء والتباكي التي هي صفات حسنة لمن تدبّر معاني القرآن وأوامره ونواهيه وتخويفه وتهديده وترغيبه وترهيبه وغير ذلك فأيّ مشابهة لها بالغناء ليتوهّم فيها ذلك ، مع أنّ ذلك ممّا هو من الصفات الحسنة المأمور بها في العبادات وغيرها والتلاوة من أعظمها . وأمّا الترجيع فأي دلالة على أنّ كلّ ترجيع غناء ؟ وقد قال عليه السّلام : « يرجّعون القرآن ترجيع الغناء » وهو يدلّ على أنّ ترجيع الغناء حرام وهو المطرب أو ما كان غناء عرفا وترجيع غير الغناء غيره وهو المراد من الحديث . ومن الترجيع إعادة الصوت وتكريره أو إعادة الشيء ومنه ترجيع الأذان فلم لا يحمل ترجيع القرآن على تكرير بعض الآيات أو الكلمات التي يكون تكريرها باعثا على زيادة الاتّعاظ والانزجار والترغيب والترهيب ونحوه ولا يكون ذلك ترجيعا مطربا ولا غناء عرفا ومع تقييد الترجيع بالإطراب أو الغناء عرفا لا حرج في ترجيع لا إطراب معه ولا غناء ؛ وكيف يتصوّر الترجيع المطرب في القرآن ليكون غناء والطرب ينافي ما هو المقصود من التلاوة فإنّه يحصل من سماع الصوت وآلات اللهو من غير نظر إلى المعاني غالبا . فظهر أنّ فهم ذلك جامدا على أنّ كلّ ترجيع غناء ، وكلّ صوت حسن غناء ، وكلّ تحسين صوت غناء ، وكلّ بكاء أو تباك في القرآن مع الحزن والتغني غناء . وقد نقل صاحب مجمع البيان أنّ المراد بالتغنّي تزيين الصوت وتحزينه [1] وهذا
[1] « يأتي نقل هذا الحديث من السيد المرتضى وليس فيه « وتغنوا به » منه .