إسم الكتاب : غنا ، موسيقى ( عربي - فارسي ) ( عدد الصفحات : 884)

أقول في بيان ما دلَّت عليه هذه الأخبار المذكورة :
أمّا حديث : « اقرؤوا القرآن » الخ فهو صريح في تحريم الغناء في القرآن مع التشديد العظيم والدعاء منه عليه السّلام على من يفعله ويعجبه شأنهم ، وقد مرَّ نقله من طرقنا وطرق العامّة مكرّرا ، فوجه اعتباره مع تأييد غيره ممّا يدلّ على تحريم مطلق الغناء ظاهر .
وأمّا الأحاديث المنقولة عن الفقيه والعلل وتفسير علي بن إبراهيم فأمرها في الدلالة على تحريم مطلق الغناء أظهر من أن يخفى . وأمّا أحاديث كسب المغنّيات فإنّها تدلّ على أنّهنّ قسمان : فمنهنّ من يكون شأنها زفاف العرائس وهذه لا بأس بكسبها فهذا الغناء مستثنى من الغناء المحرّم ؛ ومنهنّ من يدخل عليها الرجال وهذه كسبها حرام لتحصيله من الغناء المحرّم ونحوه .
وأمّا حديث شراء المغنّية وكون ثمنها ثمن الكلب وأنّه سحت ، فهو دالّ على أنّ سبب ذلك ، الغناء فيدلّ على تحريمه ومثله حديث بيع الجواري المغنّيات وشرائهنّ فإنّه يدلّ على ذلك وبما هو أبلغ من الأوّل . وحديث « المغنية ملعونة ملعون من أكل كسبها » كذلك . وحديث الجواري الموصى بهنّ أبلغ في الدلالة .
وحديث الجواري اللواتي يتغنّين ويضربن بالعود دالّ أيضا ، وأيّ وجه لحمل تحريم الغناء فيه على ما يصاحب العود ويكون العود علة لتحريم الغناء ويكون هذا الحمل المهمل مقيّدا لجميع الأحاديث الدالَّة على تحريم مطلق الغناء ونحوه حمل المغنّيات في غيره على هذا وكأنّه محال غناء الجواري وغيرهنّ بغير ما ذكر من العود ونحوه ؛ ولمّا كان غناء الأعراس مستثنى اعتبر الخائفون من اللَّه من العلماء ، شرط أن لا يسمع صوتها الأجانب لتحريم ذلك بدليل وأن لا يكون معها آلة لهو سوى الدفّ المستثنى بدليل ، وأن لا تتكلَّم بالباطل لتحريم ذلك ولم يستثن مطلقا .

77