مع أنّ كون المعتبر في الغناء مطلقَ الترجيع غيرُ واضحٍ ولو قليلًا ، وإذا انضمّ معهما الترجيع القليل صار الإمكان أوضح . ومنها الأمر بالتغنّي به والتبرّي عمّن تركه في رواية عبد الرحمان . والجواب بعدم حجّيتها أوّلًا ، والإجماع على عدم إرادة ظاهرها ثانياً . ومنها إطلاق الآثار الواردة في الحثّ على تحسين الصوت أو تزيينه به . والجواب أنّها مقيّدة بما ورد في التغنّي ؛ لعدم مقاومة أدلَّة التّحريم . ومنها المذكور في الفقيه : سأل رجل عليَّ بن الحسين عليهما السلام عن شِراء جاريةٍ لها صوت فقال : « ما عليك لو اشتريتَها فذكَّرتْكَ الجنّة » يعني بقراءة القرآن والزُّهد والفضائل الَّتي ليست بغناء . فأمّا الغناء فمحظور . [1] بناءً على أنّه لو كان التفسير للإمام عليه السلام أفاد أنّ الغناء المحرّمَ ما لم يكن في قِراءة هذه ، وإن كان للصدوق رحمه الله كفى إطلاق تذكيرها الجنّة يعني بحسن صوتها . والجواب أوّلًا بأنّه مرسل ولا جابر له . وثانياً بأنّ إطلاق التذكير مقيَّد بما لم يكن على وجه التغنّي . وأمّا التفسير فالظاهر أنّه للصدوق مع احتمال كون المراد به أنّ المجوّز في تذكيرها الجنّة بحسن صوتها إنّما هو الَّذي في ضمن هذه الأمور بغير وجه التغنّي ، بأن يكون التقييد بالموصول احترازيّاً لا توضيحيّاً . ومنها عموم الأخبار المتواترة الدالَّة على فضل قراءة القرآن . والجواب بعد تسليم العموم تخصيصها بأدلَّة تحريم الغناء بما عدا الذي على وجهه . ومنها الأصل .
[1] الفقيه ، ج 4 ، ص 60 ، باب حدّ شرب الخمر وما جاء في الغناء والملاهي ، ح 5097 .