فيهما مبالغةً لو كانت المستفيضة محتملةً لذلك . وابتناء التعبير عن الغناء به على شيوع التغنّي به لا يخصّ الحكم بهذا الشائع لعدم المنافاة بينه وبين إرادة العموم ، فلا يتعيّن تقييد الغناء في المستفيضة بما كان في ضمن الكلمات المُلهية ، على أنّ ذلك لا يَضرّنا في المقام [1] . ولمّا كان مفادها إرادة المطلق [2] انصرفت اللَّام في قوله سبحانه * ( « لِيُضِلَّ » ) * عن ظاهرها [3] ، وجاز أن تكون لام العاقبة كما في قوله عزّ اسمه : * ( « فَالْتَقَطَه ُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً » ) * [4] على أن يكون المراد والله أعلم أنّ الإضلال عن سبيل الله بغير علم واتخاذها [5] هزواً مآل اشتراء لهو الحديث مترتّبان عليه وإن لم يقصدا به ؛ لأنّ الغناء في الغالب يهيّج الشهواتِ ويُحْدِثُ الميلَ إلى الفواحش فربّما يخرج به الجاهل عن نهج الحق بارتكاب الفجور فيضلّ عن سبيل الله بغير علم ويرضى به صاحب الغناء ولا ينهاه عنه بل تجب عليه [ كذا ] فيتّخذُها هزواً ، أو لأنّه إذا تغنّى أحد استمعه تُبَّع الهوى ، مع حرمة استماعه في دين الله بغفلتهم عن نكال الآخرة ، فيضلَّون به عن سبيله بجهالتهم ، ويفرح به صاحب الغناء ويزيد فيه ولا يبالي فيتّخذها هزواً . فلا يرد المناقشة في دلالتهما باختصاص الوعيد بصورة قصد الإضلال عن سبيل الله واتخاذها هزواً .
[1] حيث فرضنا كون التغنّي بمالا فائدة فيه . ( منه ) [2] أي مطلق الغناء بأيّ قصد كان نفسه أو اشتراؤه . ( منه ) . [3] ومنها اللام في قوله : فللموت تغذوا الوالدات سِخالَها كما لخراب الدور تُبْنى المساكن وقوله : له ملك ينادي كل يوم لدوا للموت وابنوا للخراب ( منه رحمه الله ) . [4] القصص ( 28 ) : 8 . [5] بناءً على قراءة « يتخذ » بالنصب وهو قراءة عاصم وهو المستفاد من صحيح محمد بن مسلم والرضوي فإنّه إذا قرىء بالرفع عطفاً على « يشتري » لم تُفد الآيةُ وعيدَ النّار على الغناء خاصّة بل عليه مع اتّخاذ سبيل الله هزواً . ( منه ) .