والإجماع [1] على التحريم عندهم غير ثابت وإلَّا اتّبعوه . ودلالة الآيات [2] غير واضحة . أمّا الأولى فلأنّ الزور لغةً : الكذب والباطل والتهمة ، وتفسيره بالغناء في عدّة من الأخبار غير مجدٍ في المضمار ؛ لانصرافه فيها إلى ما كان شائعاً في أزمنتهم عليهم السلام من تغنّي الجواري بأباطيل الأقوال في مجالس أجانب الرجال ، مقروناً باستعمال آلات اللهو . وبذلك يتلائم التفسير واللَّغة ، مضافاً إلى معارضتها بما رواه في المجمع [3] عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : « عَدَلت شهادة الزّور بالشّرك بالله » ثمّ قرأ هذه الآية . [4] والمرويّ في معاني الأخبار عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن « قول الزور » ، قال : « منه قول الرّجل للَّذي يغنّي : أحسنت » [5] . وقد حكي [6] تفسيره بقول أهل الجاهلية : « لبيّك لا شريك لك ، إلَّا شريك هو لك ، تملكه وما ملك » . وأمّا الثانية فلكمال البَوْن بين مدلول * ( « لَهْوَ الْحَدِيثِ » ) * والغناء ويزيده تعلَّق الاشتراء به . وبذلك يهون تفسيره به أو بما يعمّه فيما مضى من الأخبار إلَّا أن يكون المراد به فيها ما كان شائعاً في أعصارهم عليهم السلام ، فيحصل التناسب وتتطابق هذه الأخبار مع رواية أبي بصير المتقدِّمة ، مضافاً إلى معارضتها بما رواه القمي رحمه الله [7] عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام في الآية أنّه النضر بن الحارث [8] بن علقمة بن كلدة
[1] شروع فيما يمكن أن يقال في دفع أدلَّة التحريم في الجملة عن قبل المجوّزين . ( منه ) . [2] على حرمة نفس الغناء من حيث هو هو . ( منه ) . [3] على ما نقل عنه . ( منه ) . [4] مجمع البيان ، ج 7 ، ص 82 . [5] معاني الأخبار ، ص 349 . [6] في جوامع الجامع عن مجهول . ( منه ) . [7] هذا وفي تفسير مجمع البيان ( ج 8 ، ص 82 ) والكشاف وأبي السعود : « نضر بن حرث » وفي تفسير البرهان والمنهج والمقتنيات والميزان ( ج 16 ، ص 223 ) « نضر بن حارث » راجع المصادر المذكورة في تفسير قوله تعالى : * ( « وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي » ، سورة لقمان ، الآية 5 . [8] تفسير القمي ، ج 2 ، ص 161 .