ضعف دلالتها لجواز أن يكون المراد الترجيع الذي لا يعدّ في العرف غناءً أو يكون مجرّد مدّ الصوت ورفعه ، قال صاحب كتاب قصص الأنبياء بعد ذكر الأحاديث من طرق العامّة الدالَّة على جواز الغناء في الأذان ما هذا لفظه : قال أبو محمد سمعت الخليل بن أحمد قاضي سجستان يقول معنى الترجيع في هذا الخبر هو الذي في الخبر الثاني قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ارجع فامدد صوتَك » وهو أنّه كان لا يرفع صوته فيه ويحتمل أن يكون أنا آمره بالرجوع ليكرره فيحفظه . [1] انتهى . أو أن يكون المراد بالترجيع تكرار الآيات فإنّ ذلك يلزم منه ترجيع الصوت وقد ذكر الفقهاء أنّه يكره الترجيع في الأذان وفسّروا الترجيع بتكرار التكبير والشهادتين [2] أو أنّ المراد حثّاً على كثرة قراءة القرآن والاشتغال به في جميع الأوقات وفي موافقتها لمذهب العامّة فليطرح . وثالثاً فبأنّ التعارض فرع التقادم وهو مفقود أدلَّةً وفتوىً . وأمّا رابعاً فبأنّ الجمع بهذا فرع أن يكون له شاهد وليس . وأمّا خامساً فبأنّ الآيات والأخبار دالَّة على حرمة الغناء حين نزولها وصدورها فإنّ المتبادر منها ما يعدّ غناءً في عرفهم ولغتهم فتنصرف إليه فلو كان المراد منها غير ما هو متبادر في لسانهم واصطلاحهم يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة والإغراء بالجهل لاعتراف الخصم بشيوع هذا الضرب في زمانهم عليهم السلام فكانت الحاجة ماسّة إلى بيانه لا أن [ لا ] يذكر ما هو المراد منها في خبر أصلًا ورأساً فصرف هذه الأخبار إلى ما فهمه ليس إلَّا من باب الرجم بالغيب .
[1] لم نقف على قصص الأنبياء ولم نعرف مؤلفه ، فلاحظ . ونقل عنه هذا المطلب الشيخ الحر العاملي في رسالته في الغناء . [2] جواهر الكلام ، ج 9 ، ص 110 .