أحداً عنده . فقلنا : أصلحك الله سمعنا صوتاً بالعبرانية فظننّا أنّك بعثت إلى رجل من أهل الكتاب ، قال : « لا ولكن ذكرت مناجاة إيليا لربّه » فبكيت . [1] الحديث . والجواب عن الكلّ ما مرَّ ، وبعبارة أخرى إنّ للغناء في العرف واللغة معنىً وللصوت الحسن والحزين معنىً آخر لا تلازم بينهما فلا تعارض بين الأخبار ولا منافاة حتى نرتكب للجمع بينهما بما يخالف ضرورة المذهب . ومنها رواية أبي بصيرٍ قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : إذا قرأتُ القرآن فرفعت به صوتي جاءني الشيطان فقال : إنّما ترائي بهذا أهلك والناس ، قال : « يا أبا محمّد اقرأ قراءة ما بين القراءتين تسمع أهلك ورَجِّع بالقرآن صوتك ؛ فإنّ الله عزّ وجلّ يحبّ الصوت الحسن يرجّع فيه ترجيعاً » . [2] والجواب عنها أمّا أوّلًا فبأنّها لا تعارض حرمة الغناء بالمعنى المشهور على ما اخترناه . وأمّا ثانياً فلمعارضة خصوص رواية ابن سنان المتقدّمة المنقولة عن الكافي إيّاها فإنّ فيها : « فإنّه سيجيء من بعدي أقوام يرجّعون القرآن ترجيع الغناء » [3] الحديث ، والترجيح لهذه الرواية لو لم يكن لنا دليل غيرها من وجوه عديدة من ضعف سند تلك الرواية بعليّ بن أبي حمزة البطائني الذي قال أهل الرجال في حقّه : « إنّه كذّاب ملعون » [4] ، وعدم جابر لها فكيف يعدل عن الخبر الذي أطبقت الفتاوى على العمل به بخبر واحد ضعيفٍ شاذٍ مخالفٍ لوجوه الترجيح ، ومن
[1] بحار الأنوار ، ج 26 ، ص 180 . [2] وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 212 ، ح 5 من الباب 24 . [3] الكافي ، ج 2 ، ص 614 . [4] مجمع الرجال ، ج 4 ، ص 154 .