يأمن أن يصيبهنّ أو يقع في قلوبهنّ حداؤه فأمره بالكفّ عن ذلك ، وفي المثل : الغناء رقية الزنا . وقيل : أراد أنّ الإبل إذا سمعت الحداء أسرعت في المشيء واشتدّت فأزعجت الراكب وأتعبته فنهاه عن ذلك لأنّ النساء يضعفن عن شدّة الحركة . [1] انتهى . ولا يحضرني الآن من الكتب ما فيه من هذا القبيل فدلّ هذا على أنّ الحداء غناء وأنّه عليه السّلام كان له حاد وأنّه كان يسمعه والأمر بالرفق ، والحداء والحادي يدلّ على أنّه عليه السّلام لم ينكر ذلك وإلَّا لم يقع وشهرة الحداء وسماعه عليه السّلام إيّاه أمر شائع . [ تعريف الغناء ] وعرّفوا الغناء بتعريفين : أحدهما الترجيع المطرب بمعنى جمعه بين الترجيع والإطراب فمجرّد الترجيع الخالي عنه ليس غناء وكذا الإطراب فلا يحصل بدون الجمع بينهما وانفراد كلّ منهما عن الآخر ظاهر . والآخر الرجوع في ذلك إلى العرف ، واستحسن هذا جدي طاب ثراه في المسالك [2] لأنّه قد يحصل الإطراب من الصوت مع عدم الترجيع ويكون حينئذ غناء عرفا . [ الأخبار الدالة على تحريم الغناء ] ولننقل ما ورد من الأخبار الدالَّة على تحريم الغناء وما ورد ممّا توهّم منه خلاف ذلك : فروى محمّد بن يعقوب رضوان اللَّه عليه في الكافي عن علي بن محمّد ، عن
[1] النهاية ، ج 4 ، ص 39 ، « قرر » . [2] المسالك ، ج 2 ، ص 403 .