[ بدعة عدم حرمة مطلق الغناء ] والباعث على تسطير هذه الكلمات إحداث بدعة أنّ مطلق الغناء غير محرّم وأنّه في القرآن مستحب ، بل حكي عنه القول بأنّه واجب وفي غيره قد يكون كذلك لأنّه يبعث على الربط والتوجّه إلى جانب الحقّ كما يقوله غير أهل الإيمان من أهل الضلال [1] ؛ ووجه ذلك النظر إلى بعض ما توهّم من بعض الأخبار ممّا لا يدلّ على ذلك وقد حمله أهل الدين والتقوى على ما لا ينافي تحريم الغناء الثابت في مذهب الإماميّة من غير خلاف بينهم فيه كما حكاه والدي رحمه اللَّه حتى من أهل الخلاف الذين يتديّنون بدينهم فإنّهم يفرّون مما يوهم ذلك إلى ما يخرجهم عنه كما ستسمعه من نقل كلامهم . نعم وقع الخلاف بين علمائنا رضوان اللَّه عليهم في أنّ كلّ ما يصدق عليه الغناء حرام أو يستثنى منه الغناء في الأعراس والحداء للإبل ؟ فالعلَّامة وجماعة طردوا الحكم والمحقّقون من غيرهم قالوا بالاستثناء لدلالة الأحاديث الصحيحة على ذلك وكونها مقيّدة لما أطلق فيه التحريم كما أفاد مضمونه جدّي طاب ثراه في المسالك [2] وهو أعلم بمواضع النقل وغير متّهم في إخباره بغرض من الأغراض الدنيويّة . قال ابن الأثير في النهاية : . . . وفي حديث أنجشة في رواية البراء بن مالك : « رويدك رفقا بالقوارير » أراد النساء ، شبههنّ بالقوارير من الزجاج لأنّه يسرع إليها الكسر وكان أنجشة يحدو وينشد القريض والرجز فلم
[1] « وأنّ المحرّم منه ما كان مصاحبا لآلات اللهو ونحوها » ( خ ل ) . [2] المسالك ، ج 2 ، ص 404 .