الغناء المحظور في الشريعة . ولا يخفى على من أعمَلَ فكرَه الصائب ونظره الثاقب أنّ الترجيع بالباطل ما هو إلَّا ملهياً عن الآخرة لا تذكيراً لها ولا يتصوّر فيه تذكير ولا إعراض عن الجنبة السافلة بوجه ٍ ما قطعاً فكيف يحتاج مثل الصدوق إلى رفع ما لا يختلج إلى الأبد ببال أحدٍ ولا يقع التذكَّر به إلى منتهى السرمد . فلذا وقع النصوص المستفيضة في النهي عن شِراء المغنّيات بالإطلاق . ودعوى محاكمة العرف فيما ذكروه ، غيرُ مسلَّمٍ . ولو سُلِّمَ ، فعرفُ المتشرِّعة من مَهَرَة الفقهاء وذوي الديانات من العلماء مقدّم فضلًا عن كونهم من أهل اللسان وكلماتهم في تحديد الغناء غير محتاجٍ إلى البيان . وما ورد في حرمة الغناء بخصوص قراءة القرآن ، مشهور بين الخاصّ والعام . والتوهُّم فيما يُتَراءى من الإجمال الواقع في كلام الصدوق ، مرفوع بما صرَّحَ به في معانيه حيث أورد في الباب السابع عشر وثلاثمائة : منها قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « ليس منّا من لم يتغنَّ بالقرآن » ثمّ قال : إنّ معناه ليس منّا من لم يستغن به ولا يذهب به إلى الصوت . وقد روي « أنّ مَن قرأ القرآن فهو غنيٌّ لا فقر بعده » وروي « أنّ مَن أعطي القرآن فظنَّ أنّ أحداً أعطي أكثر ممّا أعطي ، فقد عظَّمَ صغيراً وصغَّرَ كبيراً ، فلا ينبغي لحامل القرآن أن يرى أحداًمن أهل الأرض أغنى منه ولو ملك الدنيا بِرَحْبها » . ولو كان كما يقوله قوم أنّه الترجيع بالقراءة وحسن الصوت ، لكانت العقوبة قد عظمت في ترك ذلك أن يكون من لم يرجِّع صوتَه بالقراءة ، فليس من النبيّ حينَ قال : « ليس منّا من لم يتغنَّ بالقرآن » [1] . انتهى كلامه رحمه الله بعينه . فلا وقْعَ إذن لما استظهره جماعة من كلامه بعد التصريح منه بمرامه . و