الواجب إلَّا به فهو واجب ؛ نعم قد جاء النصّ باستثناء غير المحصور منه ، فلا يجب الاجتناب عنه للزوم الحرج والعسر المنفيّين ، والأمر هنا ليس كذلك هذا . ثمّ قال : ونقول بعد التنزّل عن ذلك كلَّه وفرض كون الأمر مشتبهاً : الذي يليق بأهل الطاعة والتقوى والديانة خصوصاً أصحاب العلم والفقهاء ، التورّع عن أمثال هذه الشُبُهات والاحتياط في أمر الدين وعدم الركون إلى الأهواء وقلَّة الالتفات إلى مَيل النفس والتذاذ الطبيعة ، وبالجملة الأمثَل في زماننا هذا الأخذ بالحائطة للدين والاقتصار على مَوضع اليقين كما وقع الأمر به في بعض الآثار المنقولة عن الصادقين عليهم السلام لمكان الاشتباهات في المسائل وكَثرة الإشكالات في الدلائل وتَطَرُّق الشُبهات ، وتصادم الاختلافات وعروض الآراء المُردية والأهواء الموبقة وبُعد العَهد عن زمان حضور المعصومين ، وإشراف الأسلاف واختفاء بوارق شمس الحُجّة تحت سُحُب الاحتجاب وحُجُب الاستتار ، وانمحاء كثيرٍ من الآثار والأخبار بسبب تصادم الأدوار وتعاقب الأعصار وتطرُّق شوائب التوليد والتحريف وتولَّد البِدَع ومجدّدات الأمور ، وطول فُرصة الشيطان وكَثْرة الخَلَل في أوضاع الأزمان وشدّةِ استيلاء الأوهام ، وانجذاب الطبائع إلى مركز الباطل ومَيل النفوس إلى ظلمات الشهوات ، وبالجملة قد أعمى عن الحقّ تَفرُّق الآراء وأظلم الطريق تطرُّق الأهواء ، وقد قال الصادق عليه السلام فيما رواه عنه عمر ابن حنظلة وأورده الأصحاب في كتبهم : « وإنّما الأمور ثلاثة أمر بيِّن رشده فَمُتَّبَع وأمر بيّن غيُّه فَمُجْتَنَب ، وأمر مشكل يُردُّ