بالجملة الكلام فيما إذا كانت الأفراد المشكوكة محصورةً على الوجه الذي ذُكر . فإن قلت : التكليف بالشيء يقتضي العلم به فكيف يتعلَّق التكليف بالمشكوك ؟ قلت : إن أردتَ أنّه يقتضي العلم به على وجه ٍ يتميّز عن جميع الأغيار ، فممنوع ؛ وإن أردتَ أنّه يقتضي العلم به على وجه ٍ يتمكَّن من الإتيان بالمأمور به من غير إفضائه إلى الحَرَج والعُسر فَمُسلَّم ، والأمر بالهيئة هنا كذلك على أنّ الشكّ إنّما هو في المعنى المقصود من اللفظ ، وبعد النظر في الدليل الذي ذكرناه يحصل العلم بوجوب الاجتناب عن الأفراد المشكوك دخولُها في مدلول اللفظ ، فيكون من قبيل ما هو معلوم بوجه ٍ يتميّز عن جميع الأغيار والشكّ إنّما يكون في الطريق ، وبهذا يحصل الجواب عمّا دَلَّ على سقوط التكليف بما لا يحصل العلم به ، كما لا يخفى على المتدبِّر . فإن قلت : يجوز أن يكون في الاجتناب عن الأفراد المشكوكة مَفسدة ، والإقدام على ما لا يؤمن أن يكون قبيحاً قبيح . قلت : الكلام فيما إذا لم يكن في الاجتناب المذكور مفسدة بدليلٍ دالّ عليه من إجماعٍ أو غيره كما هو الواقع هاهنا . وبالجملة هذا مسلك لا يبعُد أن يتمسّك به في وجوب الاجتناب عن الأفراد المشكوكة في المسألة المذكورة . أقول : هذا تطويل لا حاجة إليه بل يكفي مجرّد أن يقال : اجتناب الحرام واجب إجماعاً ، ولا يتمّ هنا يقيناً إلَّا بترك هذه الأفراد المشكوكة وما لا يتمّ