السكَّيت وابن دُرَيد وا بن خالويه وغيرهم . نعم إذا ظهر من بعضهم تفسير لفظ ومن بعضهم ما يخالفه بحيث لا يجتمع معه ، يحصل الشكّ وحينئذٍ يحتاج إلى بعض أنواع الترجيحات المقررّة والتعويل على الأمارات المرجِّحة ، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل ، كما لا يخفى على المتصفّح على أنّ المستند هاهنا ليس مجرّد قول أهل اللغة بل هو مضاف إلى سائر ما مرَّ ذِكره ، ولو فرضنا أنّ بعضها لا يفيد الظنّ ، فإنكار إفادة الجميع للظنّ بعد حسن المراجعة وجَودة التدبُّر تعسُّف وعدول عن الإنصاف في ما أفهم . والله تعالى يعلم . أقول : لمّا كان علم اللغة من العلوم النقليّة وكان لا يثبت مضمونُ ما نُقل فيه إلَّا بما يثبت به غيره من الأمور النقليّة ، وهو عَدالة الناقل أو تواتر ذلك المضمون أو استفاضته وكانت طُرُق العلم إلى عدالة أهل اللغة منسدّةً علينا ، بل الظاهر عدم عدالة جُلَّهم بل كلَّهم عدل عن إثبات عدالتهم وطوّل الكلام في إثبات حجّية نَقْلهم بما ترى ، ولا حاجة إليه إذ لا خلاف في جواز الرجوع في فهم معاني ألفاظ القرآن والحديث وغيرهما إلى أهل اللغة ونقلهم وإفادة الظَنّ ، فإنّه ليس بأعظم من الرجوع إلى أهل الهَيئة في أمر القبلة وإلى الطبيب في إفطار شهر رمضان ، ورجوع الفقيه في كلامه إلى أهل الخبرة شائع معروف ؛ وإنّما الخلاف في إفادة اليقين فَجمهور المتكلَّمين على أنّه لا يفيده ، لأنّه يتوقّف على العلم بوضع الألفاظ الواردة في كلام المخبر الصادق للمعاني المفهومة وبإرادة المخبر تلك المعاني ليلزم ثبوت المدلول والعلم بالوضع يتوقّف على العلم بعصمة رواة العربيّة لغة وصرفاً ونحواً عن الغلط والكِذب ؛ والعلم بالإرادة يتوقّف على عدم النقل إلى معنى آخَر وعلى عدم اشتراكه بين هذا المعنى ومعنى آخر وعلى عدم كونه مستعملًا بطريق التجوّز في معنى غير