فصّلناه في بعض رسائلنا فَلْيطْلَب من هناك ، ومن هنا يعلم أنّ من لم تصحّ عنده رواية أبي بصير هذه ، حَكَمَ بتحريم ما يكون في العرائس لِعموم الروايات الكثيرة الدالَّة على تحريمه مطلقاً ، وعدم كون هذه الرواية صالحةً للتخصيص والصرف عن الحقيقة إلى المجاز وإليه الإشارة بقوله : « إنّ الله حرّم اللهو وهذا منه » ، ومَن صَحَّت عنده ، أباحه ، وأمّا القول بالكراهة ، فوَجْهه غير ظاهر ولعلَّه اكتفى فيه بما هو المشهور من أنّ نفي البأس يُوهِم البأس ، كما ذكره الشهيد الثاني في الدراية [1] ، فتدبَّر .
الرابع : ذكر الفاضل الشيخ علي : « أنّ بعض الأصحاب استثنى مراثي الحسين عليه السلام » [2] ولم أجد حكاية هذا القول إلَّا في كلامه رحمه الله ولم أجد دليلًا قويّاً على هذا الاستثناء مع عموم الأخبار الدالة على المنع .
أقول : هذا حقّ وأمّا ما سبق من ترجيحه القول بهذا الاستثناء في كتابه الكفاية في الموضعين مستدلا عليه بما دلّ على جواز النوحة عليه عليه السلام أو مطلقاً مع أنّ الغالب اشتمال النَوحة على الغِناء وهو غير بعيدٍ ، انتهى فقد عرفت ما فيه فتذكَّر .
الخامس : اشتهر بين جَماعة من الناس في زماننا هذا قراءة القرآن بالألحان والنغمات والتحريرات وكذلك قِراءة الأذكار والدعوات واستماعها وقد يتدرَّج ذلك إلى قراءة الأشعار للمتصوّفة وأمثال ذلك بأنواع الألحان ، وربما يسري ذلك عن العوامّ إلى بعض الخواصّ من أهل العلم والديانة ومن يُنْسَب إلى التقوى والعدالة ، ويتعلَّلون في ذلك تارةً بأنّ ما كان في

[1] الرعاية في علم الدراية ، بتحقيق محمد علي بقّال ، ص 207 .
[2] جامع المقاصد ، ج 4 ، ص 23 .

632