الثالث : اختلف الأصحاب في المغنّية للعُرْس إذا لم تتكلَّم بالباطل ولم يدخل عليها الرجال ؛ فأباحه الشيخان وجماعة من الأصحاب [1] وكَرهَه ُ القاضي [2] وحَرَّمه جَماعة من الأصحاب ، منهم ابن إدريس [3] والعلَّامة في التذكرة [4] ؛ والأوّل أقرب لما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : « أجر المغنّية الَّتي تزفُّ العرائس ليس به بأس ، ليست بالَّتي يدخل عليها الرجال » [5] وجَماعة من الأصحاب يتوقَّفون في تصحيح روايات أبي بصير ، والذي رجّحتُ تصحيحها [6] ، وليس هذا موضعُ تفصيل ذلك . أقول : قد فصّل ذلك في الذخيرة في أوائل بحث الكرّ حيث قال : اشتبه حال أبي بصير على كثيرٍ من أصحابنا المتأخِّرين ، فزعموا اشتراكه بين الثقة الإماميّ وغيره ، والراجح عندي أنّ رواياته صحيحة إذا لم يكن في الطريق قادح من غير جهته وإن الاشتراك المذكور توهّم ولنذكر جهات التوهّم ، ثمّ نشتغل بالجواب عنها . وطوّل الكلام فيه بما يَمنَعُني عن نقله ونقلِ ما فيه ، فإنّ لنا عليه كلاماً
[1] النهاية ونكتها ، ج 2 ، ص 103 . [2] المهذّب ، ج 1 ، ص 346 . [3] السرائر ، ج 2 ، ص 224 ؛ الكافي في الفقه ، ص 280 . [4] . التذكرة ، ج 1 ، ص 582 ، وفيها : « فإن أدخلت الرجال أو غنت بالكذب كان حراماً » . [5] التهذيب ، ج 6 ، ص 357 ، باب أخبار بيع الكلب وأجر المغنّية ، ح 144 . [6] في هامش بعض نسخ رسالة السبزواري : « يعني إن كان يحيى بن القاسم ، وتفصيل ذلك مذكور في أوائل كتاب الطهارة من ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد ، للمصنّف رحمه الله تعالى » . انظر : ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد ، كتاب الطهارة .