الهروي والخطَّابي ومن تقدّمهما [1] انتهى . وقد قيل في تفسير الخبر وجوهء أخرى لا فائدة في إيرادها ؛ وبالجملة لا تصلُحُ هذه الأشياء لمعارَضة الأخبار المستفيضة ، بل المتواترة مع اعتضادها بإجماع الطائفة وعمل الأصحاب في كلِّ عصرٍ . واحتجّ من أباح الغِناء من العامّة بوجوه ٍ ضعيفةٍ : منها : قصّةُ عائشة المشهورةُ عندهم ونحو منها من الأخبار . أقول : قد ذكرنا قصّةَ عائشة ونبذةً من تلك الأخبار فيما سبق فتذكَّر ، وأقبح من ذلك أنّهم رَوَوا : أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يختار أن تلعب زوجته عائشة في بيته باللعب ، وكان يجمع لها النساء ، يلعبن معها . [2] وروى الحُمَيْدي في الجمع بين الصحيحين في الحديث الخامس والعشرين من المتّفق عليه من مسند عائشة قالت : رأيتُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يَسْتُرني وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد ، فَزَجَرهم عمر ، قال النبيّ « أمناً يا بني أرفِدَة » [3] يعني من الأمن ولقد أحسن من قال : تالله إنّا نَعْلَم أنّ نبيّهم ما كان على صفةٍ يرضى بمثل ما ذَكَرَتْه عائشة عنه ، فإنّ كلَّ عاقلٍ يعلم أنّ مثلَ هذا اللهو اللعب والاشتغال عن الله ، لا يليق بمن يدّعي صُحبة نبيٍ من الأنبياء ، فكيف يَروونه عمَّن يعتقدون أنّه أفضلُ الأنبياء وكيف يُنسب إليه الرضا باللَعب في المسجد وتفريح زوجته ؟ ومن العَجَب أن يكون أبو بكر وعمر ينكران على
[1] النهاية ، ج 2 ، ص 326 ، « زين » . [2] إحياء علوم الدين ، ج 2 ، ص 302 ، كتاب آداب السماع والوجد . [3] « في نهاية ابن الأثير : وفيه أنّه قال للحبشة دونكم يا بن أرفِدَة ، هو لقب لهم وقيل هو اسم أبيهم الأقدم يعرفون به وفاؤه مكسورة وقد تُفتح » ( منه ) انظر إحياء علوم الدين ، ج 2 ، ص 302 ، كتاب آداب السماع والوجد ؛ رسائل ابن حزم الأندلسي ؛ رسالة في الغناء الملهي ، ص 428 .