في نقل مذاهب فقهائهم الأربعة ، فنَقَل الشيخ في الخلاف عن أبي حنيفة ومالك والشافعي : « أنه مكروهء » [1] وحكى بعضُهم عن مالك إباحَتَه ، وحكى أبو حامد الإسفرايني من فقهاء الشافعيّة إجماعهم على إباحته وحكى القاضي أبو الطيّب الطَبَري عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة وسُفيان وغيرهم ألفاظاً استدلَّ بها على أنّهم رأوا تَحْريمَه . [2] أقول : هذا ينافيه ما نُسِبَ إلى الشافعي من استدلاله برواية عبد الله بن عمر ، أنّ سيّدنا رسول الله مَرَّ براعٍ وهو يَزْمرُ بِزَمارَةٍ كانت معه ؛ فَسَدّ رسول الله اذُنَيه بإصْبعَيه وما زال يسأله عن صَوتها ، انقطع أم لا ؟ فلَمّا أخبره بانقطاعه أرسل يديه [3] على تحليل سماع الشبابة ؛ بأنّ سَماعها لو كان حراماً لكان رسولُ الله يأمره بِسَدِّ اذُنَيه أيضاً لأنّه لا يأمر بحضرته أحداً على فعل حرام أو سماع حرام فلمّا أمره بذلك ولم يأمره بسَدِّ اذنيه دَلَّ على أنّ سَماعها مكروهء لا حرام ، لأنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يتنزّه عن المكروهات تنزّه غيره عن المُحرَّمات . ثمّ قال قدس سره [4] : وحكى عن الشافعي أيضاً أنّه قال الغناء لهو مكروهء ويشْبه ُ الباطلَ ، من استكْثر منه تُرَدُّ شهادتُه وحكى عن أبي حنيفة أيضاً أنّه يَجْعَل سَماع الغناء من الذنوب وكذلك سائر أهل الكوفة كسفيان الثَوري وحمّاد والنَخَعي وإبراهيم والشعبي وغيرهم ونقل مذاهب متأخّريهم وسائر ما قالوا في حكاية مذاهب
[1] الخلاف ، ج 6 ، ص 305 ، المسألة 54 . [2] إحياء علوم الدين ، ج 2 ، ص 293 ، كتاب آداب السماع والوجد ؛ الردّ على من يحبّ السماع ، القاضي الشيخ أبي الطيّب الطبري ، ص 3227 ، طبع دار الصحابة للتراث ، بطنطنا . [3] انظر : إحياء علوم الدين ، ج 2 ، ص 311 ، كتاب آداب السماع والوجد . ، [4] . يعني المحقّق السبزواري قدس سره .