أجمَعَ عليه أصحابُنا الإماميّة تحريمُه ، وقد نقل اتّفاقَهُم على ذلك جَماعة من الأصحاب ، منهم الشيخ في الخلاف [1] والعلَّامة [2] وابن إدريس [3] وغيرهم [4] بل الظاهر أنّ ظهور ذلك من مذهب أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم وخواصّهم أقوى من أن يحتاج إلى البَيان كالمَسْحِ على الرجلين ، وأكثرُ الصحابة أيضاً على هذا القول ومَنْ بالغ في إباحته من العامّة ، نسَبَ سَماع الغِناء من الصحابة إلى عبدِ الله بن جعفر وابن الزُبير والمغِيرَة بن شُعْبَة ومعاوية ، وكان هذا يُعَدُّ من مطاعن معاوية ؛ قال عِزّ الدين بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : « ما يُنْسَبُ إلى معاويةَ من شُرْب الخَمْر سِرّاً لم يَثْبُت ؛ لاختلاف أهلِ السيرة فيه ، إلَّا أنّه لا خلافَ في أنّه كان يسمعُ الغناء » . [5] ونسبةُ هذا إلى عبد الله بن جعفر مذكور في بعض كُتُب التواريخ أيضاً ، وبه كان يُعَيَّرُ في زمانه حتّى عن عَمْرو بن العاص وأمثاله [6] ؛ وفي هذا الباب أقاصيصُ لا يَحْتَمِلُها هذا المختصر . . . لكن لم يَثبُتْ شيء من ذلك كلِّه ؛ وحالُ ابن الزُبَيْر والمُغِيرة غيرُ خَفِيٍ على العارف بالأخبار . واختلف العامّة في هذه المسألة اختلافاً كثيراً واضطرب الناسُ
[1] الخلاف ، ج 6 ، ص 306 ، المسألة 54 [2] أجوبة المسائل المهنّائيّة ، ص 25 ، المسألة 8 . [3] السرائر ، ج 2 ، ص 21 [4] . كشف اللثام ، ج 2 ، ص 373 . [5] شرح نهج البلاغة ، ج 16 ، ص 161 وفيه : « ونقل الناس عنه في كتب السيرة أنّه كان يشرب الخمر في أيّام عثمان في الشام ، وأمّا بعد وفاة أمير المؤمنين [ عليه السلام ] واستقرار الأمر له ، فقد اختلف فيه ؛ فقيل : إنّه شرب الخمر في سترٍ ، وقيل : إنّه لم يشربه ، ولا خلاف في أنّه سمع الغناء وطرَّب عليه » . [6] بوارق الإلماع ، ص 1312 ، نقلًا عن الحاوي الكبير للماوردي .