* ( زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً » ) * ، وذلك لأنّها قرينة مؤيِّدة ، بل حُجَّة مُؤَكِّدة على بطلان رأيه الحادث وحَقِّيَةِ قوله القديم فحملناه فَخُذ ما صَفا ودَعْ ما كَدر . ومنها أنّ المجتهد لمّا كان من وظيفته أن يستفرغَ وُسْعَه في ترجيح المسائل والنظر إلى الأدلَّة والمدارك والتصفُّح والتتبُّعِ والتعمُّقِ وطول التدبُّر والغَور والنظر إلى وُجوه الآراء وأطرافِ الأفكار ، مع رَفْضِ الهوى وحُسْنِ الإنصاف والخروجِ عن العصبيّةِ والتجنُّب عن حُبّ الغَلَبَة والمُماراة والحِقد واللِّجاجِ ؛ بل يكون غرضه في علمه وفِكره تحقيق الحقّ والوصول إلى الصواب تقرُّباً إلى خالقه وبارئه ، ويجعل ذلك وسيلةً إلى فَوزه ونِجاته في نَشأة معاده ويقصد به تخلَّص نفسه عن الضلال ، وإرشاد الخلق إلى الحقّ ، ودعوة العامّة إلى الصراط المستقيم ؛ كان [1] من الواجب عليه أن يُحافظَ وظيفَتَه هذه في كتابه الكفاية فكيف تجرّى فيه مع سَبْقِ علمه بذلك كلِّه بإضلال العامّة بإفتائه بإباحة الغناء ، ونسبة القول بذلك إلى بعض القُدماء ثمّ بتأويل ما ورد في تحريمه من الأخبار القويّة والصحيحة الناصّة بالباب إلى ما أوّلها إليه ، ثمّ يجعل الأخبار الضعيفة والمحمولة على التقيّة دليلًا عليه ، مع سَبْق علمه بضعف تلك الأخبار واطلاعه على ما اتّفق عليه الأخيار ، ثمّ كَيف ساغ له أن يتكلَّم فيه بنقائض كلِّ ما تكلَّم في رسالته هذه ، ولعَمْر الحبيب أنّه لَقد أتى بهذا التهافُت والتساقُط ما يُقْضى منه العَجَب بل كاد أن يكون مِن مَقُولة اللَّهو ومِن باب اللَّعب ، فإيّاك وطاعة نفسك التي بين جنبيك ، وعصيان عقلِك الذي ارسِلَ إليك ، غفر الله لك ولَنا وتجاوَزَ عن كلّ ما صدر عنّا إنّه على الغُفْرانِ قدير ، وبالتجاوُزِ والإحسانِ جَدير . قال قدس سره بعد إيراد الديباجة : اعلم أنّ للمسلمين اختلافاً في تحريم الغناء وإباحته والذي