فإنّه لا يكره إلَّا القبيح ، والقبيح دعه لأهله فإنّ لكلٍ أهلًا . [1] وفّقنا الله وإيّاكم للاجتناب عن القبائح ومعاصيه وارتكاب ما يوجب غُفرانه وحصول مراضيه إنّه خيرُ موفِّقٍ وخيرُ مُعينٍ والحمد لله ربّ العالمين والصّلاة على أشرف المرسلين محمّد وعترته الطاهرين . فصل إنّي بعد ما فَرَغْتُ من تسويد رسالتي هذه بمدّةٍ ، بَلَغَني أنّ للفاضل السبزواري رسالةً في تحريم الغِناء ، فَبَعدَ ما حَصَّلتُها ونظرتُ فيها ، ظَهَرَ لي أنّه كانَ قديماً قائلًا بتحريمه ، ثمّ بَدا له من بعد ما رأى الآيات والروايات رأي في إباحته ، بل استحبابه كما سبَق والدليل على ذلك قوله في كتاب الكفاية وقد مرَّ نقله : « وفصّلناه في بعض رسائلنا » فإنّه إشارة إلى رسالته هذه [2] ، كما ستقف عليه إن شاء الله العزيز وقد كنّا نحن قبلَ ذلك نظنّ أنّه إشارة إلى رسالةٍ مفردةٍ له ، في إباحته ، كما هو الظاهر من سياق كلامه إلَّا أنّه وضحَ لنا الآن خلاف ما كُنّا فيه فشكرنا له ذلك وصرنا به مسروراً ، ولقد كان سعيه هذا أجزأه الله الخير مشكوراً ونقلنا رسالته هذه بعبارته الوافية وكلماته الشافية وإن كان مورثاً لتطويل المقال وتكثير الجدال وفي بعض المواضع موجباً لتكرير القيل وتجديد القال لُامورٍ : منها أنّها تتضمّن نُكَتاً روائد وغرراً فرائد سَمحَ بها في هذه الرسالة ذِهْنُه الثاقِب وفِكْرُه ُ الصائب وهو الحقّ الذي لا مريَة فيه . ومنها أنّها وإن كانت سابقةً زماناً إلَّا أنّها مصداق كريمة : * ( « جاءَ الْحَقُّ وَ ) *
[1] الفقيه ، ج 1 ، ص 80 ، باب الأغسال ، ح 177 ؛ التهذيب ، ج 1 ، ص 116 ، باب الأغسال ، ح 304 ؛ الكافي ، ج 6 ، ص 432 ، باب الغناء ، ح 10 ؛ تفسير العيّاشي ، ج 2 ، ص 292 293 ، ح 76 . [2] هذا سهو منه ؛ فإنّ المراد من « بعض رسائلنا » هو رسالة التحليل ، بلا شكٍ .