وفيه عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويلٍ نأخذ منه موضع الحاجة : قال : دخلت أنا وفاطمة على رسول الله فوجدتُه يبكي بكاءً شديداً فقلت : فداك أبي وامّي يا رسول الله ما الذي أبكاك ؟ فقال : يا علي ليلة أسري بي إلى السماء رأيتُ نساءً من امَّتي في عذابٍ شديدٍ فأنكرتُ شأنَهُنَّ ؛ فَبَكيتُ لَمّا رأيت مِنْ شِدَّةِ عذابهنَّ وساق الكلام عليه وآله السلام إلى أن قال : رأيت امرأة على صورة الكلب والنار تَدخُل في دُبُرها وتَخْرُجُ مِن فيها ، والملائكة يَضْرِبون رأسَها وبَدَنَها بِمقامِعَ مِن نار ، فقالت فاطمة : حبيبي وقُرَّة عيني أخبرني ما كان عَمَلُهُنَّ وسيرتُهُنَّ حتّى وَضَعَ الله علَيهنَّ هذا العذاب ؟ ! فقال : يا بُنَيّتي . . . وأمّا التي كانَتْ على صُوَرةِ الكَلْبِ والنار تَدْخُلُ في دُبُرِها وتخرج من فيها فإنّها كانت قينةً نوّاحةً حاسِدَة . [1] والظاهر أنّ كُلا من هذه الخصال يُوجب النار ، وهذه الشدّةُ إنّما هي للمجموع . ولكن غير واحدٍ من الأخبار دلَّ على جواز النوحة على الميّت واستحلال كَسْب النائحة إذا لم تشارط وقالت صِدقاً [2] ، وبهذين القيدين يُمْكن التوفيق بينهما ؛ ففي روايةٍ « لا بأس بأجر النائحة التي تنوح على الميّت » [3] وفي أخرى : « لا بأس به ، قد نيح على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم » [4] وفي خبرٍ آخر : « تستحلَّه بِضَرب
[1] عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج 1 ، ص 664 و 665 ، الباب 30 ، ح 24 . [2] الكافي ، ج 5 ، ص 118 ، باب كسب النائحة ، ح 3 ؛ التهذيب ، ج 6 ، ص 358 ، ح 1027 . [3] التهذيب ، ج 6 ، ص 359 ، ح 1028 ؛ الاستبصار ، ج 3 ، ص 60 ، ح 199 . [4] . الفقيه ، ج 1 ، ص 116 ، ح 551 ؛ الوسائل ، ج 17 ، ص 128 ، ح 22165 .