ملَّا شاه محمّد استثناء مراثي الحسين عليه السلام معلِّلًا بأنّ مَن يرثيه لا يسمّى في العرف مغنّياً . وهذا كلام جيّد لو قيل [1] بأنّ الغناءَ ما يُسمّى في العرف غِناءً ومسلَّم عدم تسمية الأصوات المشتملة على الإطراب والترجيع الحاصلة من ذاكري الحسين عليه السلام غناءً ، على أنّ دليله هذا بعينه جارٍ في القارئ والداعي ومن يذكُر مدح نبيٍ أو وصيٍ أو غيرهما بأصواتٍ طيّبةٍ مشتملةٍ على الغناء من غير فرقٍ ، فاستثناء المراثي بخصوصها مع عدم الدليل ممّا لا وجه له ولا مخصِّص وهو ظاهر . وأمّا ما ذكره الفاضل السبزواري في جواز التغنّي في المراثي من الاستناد إلى ما دلّ على جواز النَوحة عليه عليه السلام مطلقاً ، ففيه أنّ هذا المطلق مقيّد بما إذا لم تشتمل النوحة عليه على الغناء ، لما مرَّ غيره مرّة من عدم الفرق فيه بين وقوعه بشعرٍ أو قرآنٍ أو أذانٍ أو خطبةٍ أو غيرها كما دلّ عليه إجماع الطائفة بانضمام غير واحد من الأخبار الواردة في طريقنا . فذلكة قال الشهيد الثاني في المسالك بعد نقل كلام المحقّق : « مَدُّ الصَوت المشتمل على الترجيعِ المُطْرِب ، يَفسُق فاعلُه وتردُّ شهادَتُه . وكذا مستمِعه [2]
[1] « المراد بهذا القيل ، ملا شاه محمّد ولذا أفرده في التعليل » ( منه ) . أقول : مراده ملا شاه محمّد الدارابي مؤلَّف رسالة مقامات السالكين المطبوعة في هذه المجموعة . [2] « المراد بالمستمع ، المنصِت للاستماع واحترز به عن السامع بغير إنصات فإنّه لا يقدح في عدالته والأولى التحرّز عنه أيضاً بقدر الإمكان وفي تعميمه هذا دلالة على ردّه الأخبار المذكورة إمّا لِضَعْفها وشذوذ ما صحَّ منها ومخالفتها لما عمِل به الأصحاب ، أو لِحَملها على التقيّة أو لغير ذلك ولذا خصّ القرآن بالذكر فافهم » ( منه ) .