الكبرى ، لمباينة الفِرَق المنافية ومعارَضةِ الدول المخالفة ، وجَعل رغَبة المتأخّرين في تقرير المطالب وتحريرها والجمع بين الأخبار والإفتاء بما يخالف العامّة ونحو ذلك ، إذ لو لم يفعلوا ما فعلوا لتَفَرّقت المذاهب تَفَرُّقاً غير محصورٍ ، لِدلالة بعض الأخبار على التشبيه وبعضها على الجَبر وبعضها على جواز غَسْل الرِجلين في الوضوء ، وبعضها على جواز التغنّي بالقرآن وغيره ؛ وبعضها على عدمه ومذمّته ، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى فلو لم يفعلوا ما فَعَلوا بل اقتصروا على مجرّد نقل الحديث لم يمكن ذلك في هذه الأعصارِ لبُعدها عن زَمَن المعصوم وخِفاء القرائن فيها فما ذكره الفاضل السبزواري بعد قوله : وفي الكافي في باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن وأورد أكثر الأخبار المذكورة بقوله : « وأنت تعلم طريقة القدماء » وأومأ بذلك إلى ما ذكره صاحب الكافي في أوّل الكتاب أنّه يثق بما رواه فيه . [1] ومعناه أنّه متكرّر في الأصول المعتبرة بطُرقٍ عديدة توجب ظنّاً أو المراد صحة طُرُقه إلى تلك الأصول المعتمد عليها ، وإلَّا ففيه روايات متضادّة وأخبار في طُرُقها ضَعف ، فكيف يحكم بكون كلّ منها حجّةً أو موثوقاً به مع تضادّه وتخالفه ففيه أنّهم كما رَوَوا في هذا المعنى روايات ولم يقدموا فيها فكذلك رووا في معنى آخَر روايات أخرى ولم يخرجوا منها فبمجرّد ذلك لا يمكن دعوى الظهور أو مَيْلهم إلى جانب إلَّا أن يظهر منه التصريح به . وقد سبق أنّ قاطبة المتأخّرين بل كافّة المتقدّمين على تحريم الغِناء مطلقاً إلَّا ما أخرجه الدليل ، من الحُداء والعرائس على خلافٍ فيهما ، والحقّ معهم ، لما عرفت من الجمع بين ما دلّ على ذمِّ التغنّي وعدمه بالقرآن وغيره ، فثبت اتّفاقهم على تحريمه وإن لم يكن على سبيل اللهو والاقتران بالملاهي . نعم نقل عن بعض متأخّري أصحابنا كالمحقّق الثاني ، الشيخ علي و