على حسن النطق ونحوه ممّا تميل إليه النفس ولا يصل إلى حدّ التغنّي كما مرّت إليه الإشارة ويكون المراد بتحزينه كون القارئ حزيناً حالَ قِراءته ، باكياً أو متباكياً ، كما هو صريح الرواية ، فلا ينافي ما ذكراه إجماع الطائفة وما دلَّت عليه الروايات الصحيحة على أنّ عدم عثور بعض الأصحاب على الإجماع أو عدم ثبوته عنده أو ذهوله عنه وقتَ الفتوى غير عزيز . وأمّا ما ذكره القاساني في حديث أبي بصيرٍ [1] ، ففيه أنّ مفهوم الوصف ليس بحجّة بحيث يلزم من عدمه العدم فلا يصلح لتخصيص الأخبار الكثيرة ، الصحيح أكثرها . على أنّ هذه الصورةِ محلٌّ آخَرُ للنزاع بين العلماء ، والغرض أنّ غناء المغنّية التي تزُّف العرائس التي لا يدخل عليها الرجال ولا يسمع صوتَها الأجانب ، وهذا ممّا يلزم منه ضمناً ، بل تدلّ عليه أخبار أخر لا بأس به ؛ وهذا لا يدلُّ على أنّ علَّة حرمة الغناء مطلقاً هي سَماع صوت الأجنبيّة بل يدلّ على أنّ لسَماع صَوتها في خصوص هذه الصورة مَدخلًا في حرمة الغِناء ، كما أنّ لِرؤيتها الأجانبَ ورؤيتهم لها وما شابه ذلك أيضاً مدخلًا فيها ، فيصير أجرها بذلك حراماً لاكتسابه بفعل الحرام وهذا كلام آخَر ، مردد فيه بين الإباحة والكراهة والحرمة ؛ وإن كان الاحتياط في الدين كما هو طريقة المؤمنين يقتضي المصير إلى القول الأخير . وبالجملة صُحبة العروس وزفافها أمر آخَر يجوز فيه ما لا يجوز في غيره حتّى جوّز فيه بعضهم الدف بشرط أن لا يكون معه صنج ولا جلاجل ، قال الشهيد الثاني في شرحه على اللمعة بعد نقله قول الشهيد الأوّل : ويحرم الغناء بالمدّ وهو مدّ الصَوت المشتمل على الترجيع المطرِب أو ما سمّي في العرف غناءً وإن لم يُطْرِب سواء كان
[1] التهذيب ، ج 6 ، ص 357 ، كتاب المكاسب ، ح 143 ؛ الاستبصار ، ج 3 ، ص 62 ، باب 35 ، ح 5 ؛ الكافي ، ج 5 ، ص 120 ، كتاب المعيشة ، ح 1 .