صَدَق عدا ما استثني وهذا منه فكيف يُعلِّلُ هنا تحريمه مطلقاً بذلك ؟ بل غرضُه كما سَبق أنّ الغناء في خصوص هذه الصورة مرخَّص فيه ، ولكن بالشرائط المذكورة ؛ والفرقُ بين الصورتين أنّ ما دلَّ على الرُخْصَة في الزفاف والعرائس مع أنّه غير منافٍ لإجماع الطائفة والأخبارُ الصحيحةِ قويٌّ سنداً بخلاف ما دَلّ على الرُخصة في غيره ؛ فإنّه مع منافاته لهما ضعيف سنداً فتأمّل . تذكرة وتبصرة قد سَبق أنّ الرواية المنقولة في الفقيه [1] مرسلة مجهولة ، فلا تنهض حُجّةً وأمّا ما ذكره الفقيه في تأويلها فأراد به قِراءة القرآن والدعاء على وجه ٍ لا يكون فيه الغِناء لأنّ قولَه : « التي ليست بغناء » وصف للقِراءة لا للقرآن وما عطف عليه من الزهد والفضائل ، كما هو فَهِمه ، وتبعه من سَلَك مَسْلَكَه ، ولذا قال : فأمّا الغناء فمحظور أي فأمّا الغناء في قراءة القرآن والدعاء ونحوهما ، فمحرَّم باتفاق العلماء فَهذا منه إيماء لطيف إلى ما ذهبوا إليه وإشارة إلى ما أجمعوا عليه ولذا أوّله إلى ما أوّله إليه ليكون إشارة إلى ما بنوا المذهب عليه . وقيل : إنّ هذا التفسير يعني قوله : « يعني ، إلى آخره » ، يحتمل أن يكونَ من كلام الراوي أو الصدوق أو الإمام عليه السلام على بُعْدٍ وفيه دلالة على تحقّق الغِناء في القرآن ونحوه فإنّه مُحَرَّم فيه وفي غيره وقوله : « التي ليست بغناء » قيد للجواز في الأشياء المذكورة وهو وصف تخصيصيٌّ لا توضيحيٌّ فإنّ أكثرَ الصفات كذلك والتأسيس خير من التأكيد ، ومع قيام الاحتمال يبطل الاستدلال ؛ على أنّ صدره لا دلالة فيه على أكثر من وصف الجارية بأنّ لها صَوْتاً وهو أعمّ من الغناء ، والعامّ لا يستلزم الخاصّ بل يُفهم منه الصَوت