ومثل هذا الحمل غيرُ جائزٍ فضلًا عن أن يكونَ غير بعيد .
وبالجملة ، كون اللام للعهد معناه الإشارة إلى حصّةٍ من الحقيقة معهودةٍ بين المتكلَّم والمخاطب وحقيقة الغناء لا يدخل فيها شيء ممّا ذكر ، بل حقيقته إنّما تتحقّق في الخارج بمجرّد صوتٍ مشتملٍ على إطرابٍ وترجيعٍ كما اعترف به وجعله ظاهراً حيث قال : « والظاهر أنّ ما اجتمع فيه الإطراب والترجيع فهو غناء » فما صدَقَت عليه تلك الحقيقة فهو غناء محرّم فِعْله واستماعه بالإجماع والأخبار البالغة حدّ التواتر انضمّ إليه شيء آخَر أم لم ينضمّ ، فمن ادّعى خروج شيء من أفراده عن تحت الإجماع والأخبار المطْلَقَين فعليه البيان .
وأمّا ما جَعَلَه سبباً للتخصيص ومنشأً للمنع منه من الأخبار الضعيفة ، ومفهوم الصفة ، وما في حُكْمه ؛ فقد عرفت ما فيه وستعرف نَمَطاً آخَر منه ؛ نعم ، التكلَّم بالأباطيل واللَعبِ بالملاهي من المعازف والعيدان والقضيب ونحوها محرّمات اخَر ومنهيّات بأخبارٍ أخرى كقول عليٍ عليه السلام وقد سُئل عن معنى هَديلِ الحَمامة الراعِبيَّةِ : « تَدْعو على أهل المَعازِفِ والقِيان [1] والمزامير والعيدان » . [2] فإنّ تقابل هذه الأربعة يدلّ على أنّ كلا منها بحياله مع قطع النظر عن الآخَر ممّا حُرِّم في الشريعة المطهّرة على صادعها وآله السلام فَضَمّ بعضها إلى بعضٍ في الحكم بالتحريم ممّا لا وجه له ، على أنّ القول بتحريم

[1] هكذا في عيون أخبار الرضا صلوات الله عليه في حديث طويل يسأل فيه الشامي علياً عليه السلام عن مسائل منها هذه . والمعازف : الدُفوف وغيرها ممّا يُضْرب . والقيان : المغنّيات من الإماء . قال ابن الأثير في النهاية بعد أنْ نَقَل حديثاً وَرَد في طريقهم ، وهو « أنّ أبا بكر دخل وعند عائشة قينتان في أيّام مِنى » : القينة : الأمة غنّت أو لم تغنِّ ، وكثيراً تُطْلَق على المغنّية من الإماء وجمعها قينات ومنه الحديث « نَهى عن بيع القينات » أي الإماء المغنّيات ويُجمع على قيان أيضاً . انتهى » منه .
[2] عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج 1 ، ص 509 ، رقم 24 « باب ما جاءت عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سُئل عن أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة » .

582