الغناء اللُغوي . لا يقال : يجوز أن يكون هذا من قبيل عطف الخاصّ على العامّ . لأنّا نقول : الأصل في المتعاطفات أن تكونَ متباينات ؛ نعم يُرتكَب خلافه نادراً ، لكن لا مطلقاً ، بل إذا كان فَرطُ اهتمامٍ بشأن الخاصّ ، كعطفِ جبرئيل وميكائيل على الملائكة وظاهر أنّ الاهتمام بشأن إخراج ترجيع النَوح ليس بأشدَّ منه بشأن إخراج ترجيع الأصوات المُلْهية المُفَرِّحة التي يُزَيِّنُها ضَربُ الدُفوف والتَصْدِية وأمثالهما ، فلو كان الأمر كذلك يجب أن يعطف هذا عليه . فتعيّن أن يكون مستعملًا في معناه العرفي أعني لُحون أهل الفسق التي يُزَيِّنُها ضَرب الدُفُوف والتصدِية والرقص وآلات اللهو وذلك ظاهر انتهى . وذلك لأنّ فيه مع ما عرفته من أنّ الألحان والنَغَمات والأصوات معانيها متقاربة تَصْدُق مع الغناء وغيره ، ولذلك فُسِّر اللحن في صدر الخبر بِصَوت العرب وفي عَجُزه بترجيعٍ هو الغناء ، لكون الإضافة بيانيّة كما عرفت ، ومجرّد الاحتمال كافٍ في سقوط الاستدلال والكلام في لحنٍ يصدُق عليه الغناء أو لا يصدق ؛ ومن أنّ ترجيعَ القرآن بمعنى ترديده وقتَ القِراءة ليتمكَّن به القارئ من التدبّر والتفكَّر فيه ، لمّا لم يكن منهيّاً عنه بل كان مندوباً إليه كما نبّهناك فيما سبق عليه ، لم يقتصر على مجرّد قوله : « يرجّعون القرآن » بل ذكر قوله « ترجيع الغناء » للإيماء إلى هذه الفائدة ، لأنّ الترجيع المنهيّ عنه في القرآن هو ترجيع الغناء لا مطلق الترجيع حتّى بمعنى الترديد ، كيف وهو صلى الله عليه وآله وسلم قد رجَّع يوم الفَتح في قراءَته [1] وقد قام يصلَّي جماعة يردّد كريمة * ( « إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ ) *