إسم الكتاب : غنا ، موسيقى ( عربي - فارسي ) ( عدد الصفحات : 884)
الفرد الأخصّ صارت حقيقةً عرفيّةً فيه ، وأنتم أيُّها المنكرون تزعمون أنّ الغِناء المنهيّ عنه هو الغِناء بالمعنى اللُغَوي أعني الصوت المرجّع المطرِب أو نفس ترجيعه المُطْرِب مطلقاً ، وهذا حديث ابن سنان يصدِّق ما ادّعَيناه ويكذّبكم . أمّا أوّلًا : فلأنّه صلى الله عليه وآله وسلم أمَرَ بقراءة القرآن بألحان العَرَب وأصواتها ، فلا يخلو إمّا أن يكون مرادُه من الألحان الصوتَ من غير ترجيعٍ مطلقاً أو صوت مشتمل على ترجيعٍ خاصٍ ، لا سبيل إلى الأوّل . أمّا أوّلًا : فلأنّ اللَحن هاهنا لُغةً عبارة عن تطريبِ الصوت وترجيعه على ما ذكره ابن الأثير في نهايته [1] وقال في القاموس : « لَحّنَ في قراءته : طرَّبَ فيها » [2] ولا معنى للغِناء اللُغوي إلَّا هذا ، فَهُما مترادفان بحسب اللغة ، فلا يكون اللَحْن صَوتاً على الاستقامة . وأمّا ثانياً : فلأنّ الأصوات المستقيمة مشتركة بين العرب والعجم غيرُ مختصّةٍ بطائفةٍ دون طائفةٍ أخرى ، ألا ترى أنّه لا يجوز أن يقال : نادى زيد ابنَه بِنِداءِ العَرَب وعمرؤ بِنِداء العَجَم لكون النداء على استقامته مشتركاً بين جميع الطوائف ، ويجوز أن يقال : زيد قرأ القرآن بِلَحْنِ العرب وعمرؤ بلَحن العَجَم وهو واضح ، فتعيّن الثاني فتكون ألحان العرب الأصوات المترجّعة .