ستعرف نَمَطاً آخَر ، ومع ذلك فهو مخالِف لإجماع الخاصّة كما نقله العلَّامة [1] وكفى به ناقلًا . فَظَهر بما قرّرناه أنّ هذه الأخبار عندهم إمّا مردودة لِضعفها وشُذوذ [2] ما صحَّ منها مع معارضته بأقوى منه ومخالفة إجماعهم أو محمولة على التقيّة لموافقتها مَنْ خالفهم ؛ وكلام العلَّامة زيد قدره في بعض فوائده حيث قال : لا يجوز سَماع الغِناء سواء كان بشبابةٍ أم لا وسواء كان فيه هجاءً لمسلمٍ أو تشبيب بامرأةٍ معيّنةٍ أم لا . ولا رخصة في شيءٍ من ذلك عند الإماميّة ، وكذا غناء الإنسان لنفسه بغير خلافٍ بين الإماميّة . [3] لا يخلو عن إشعارٍ واضحٍ بل تصريح بذلك . ثمّ إنّ القولَ بأنّ الأصواتَ الطَيِّبةَ مذكِّرة للآخرة ومهيِّجة للأشواق إلى العالم الأعلى قول شعريٌّ خياليٌّ ، خالٍ عن التحصيل ، يزعَمُه شِرذِمة من المتصوِّفين . فإنّهم يزعمون أنّ استماع المعارف والكلمات الحَقّة من القرآن والتوحيد نظماً ونثراً مع الصَوت الحَسنِ والترجيعِ ، يوجبُ الشَوق إلى العمل ولِقاءِ الله والحُزنِ والدَمْعِ ، لأنّه تارةً يُثير شوقاً إلى لقاء الله وقُرْبه ؛ والشوقُ حارٌّ وتارةً يثير حُزناً على ما فات من الأوقات بغيرِ الاشتغال بالله والحُزْنُ حارّ ، وتارةً يُثير ندماً بالثرايات الغير اللائقة بأرباب علوّ الهمّة ، والندم حارّ ؛ فإذا أثار السَماع هذه الصفات من صاحب قلبٍ مملوٍ بِبَرْدِ اليقين أبكى وأدمَع ؛ لأنّ الحرارة والبرودةَ إذا
[1] أجوبة المسائل المهنّائيّة ، ص 25 ، المسألة 8 ، المطبوعة في هذه المجموعة . [2] في هامش النسخة : « الشاذّ ما رواه الثقة مخالفاً لما رواه الأكثر ، سمّي به باعتبار ما قابله فإنّه مشهور ؛ منه رحمه الله » . [3] أجوبة المسائل المُهنّائية ، ص 25 ، المسألة 8 ، المطبوعة في هذه المجموعة .