فَرْطِ حُسْنِ صوتِ الإمام عليه السلام ، من وقوف السقّائين وصَعْقِ المارّة وإسماع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مَن خَلْفَه بِقَدْرِ طاقَتِهِم ، لا ما في قدرته لئلَّا يَهلِكُوا مِن فَرْطِ حُسْنِه ِ ، ثمّ تأمّلوا بِعَين الإنصاف وتجنَّبوا عن التعصُّب والاعتساف ، أنّه هل يمكن أن يكون صَوتاً بالغاً في الحُسن والبَهاء حدّاً يصعَق السامعين وهو على استقامته من غير ترجيعٍ ؟ وإلَّا فَلِمَ لَمْ يَكُنْ حال محاوَرته وتكلَّمِه عليه السلام كذلك ؟ وهل يمكن أنْ يدّعي أحد أنّ تكلُّمَه عليه السلام كان مُصْعِقاً ؟ وهلْ وَرَدَ خبر أنّه عليه السلام كان يتكلَّم بالصوت الحَسَن ؟ وما ذلك إلَّا لأنّ التكلُّم يكون على الاستقامة ، والقراءة على الترجيع ، وإلَّا فما الفرق ؟ فقد ثبت أنّ الرسول والأئمّة عليهم السلام كانوا يقرؤون القرآن بالصوت الحسن المترجِّع . وذلك لأنّ الاستدلال بخبرٍ على مطلبٍ إنّما يصحّ على تقدير صِحّتِه وثبوته عن المعصوم ، وهذه الأخبار لم يثبُتْ استنادها إليه ، فكيف يستدلّ بها عليه ويجزم بأنّ الرسول والأئمّة عليهم السلام كانوا يقرؤون القرآن بالصوت الحسن المترجِّع ؟ وهل هذا إلَّا التفوُّه بالاشتهاء والتقوُّل على الله ورسوله والأئمّة النجباء ؟ عليهم صلوات الله ما دامت الأرض والسماء وهو ينسب ذلك من حيث لا يشْعُر إلى غيره من العلماء ونِعْمَ ما قيل في المشهور بين الجمهور : « ثبّت العرش ثمّ انقُش » . ويمكن أن يقال : إنّ التحزُّن والتلذُّذ الحاصلين من الصوت الحسَن الموجب للصَعق ، بإقبال النفس عليه وتوجُّهها بِشَراشِرها إليه ، لإعجابها به وذهولها عن استعمال القوى الحيوانيّة في أغراضها الخاصّة وعنه العبارة بالضعفة والغَشْيَة لا يدلُّ على الترجيع والتطريب ، بل على رخامتِه ورقّتِه وخلوصه وصفائه فإنّ قِراءَة كثيرٍ من ذَوي الأصوات الحِسان وإن لم تكُن لهم